للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبتقديم النص على الظاهر، ترجح الآية الأولى على الثانية، وتكون مدة الرضاع حولين. واعتبار مدة الرضاع حولين كاملين هو قول الصاحبين. والمثال الذي بين أيدينا للتعارض بين الظاهر والنص: مستقيم على قولهما.

أما أبو حنيفة: فمدة الرضاع عنده ثلاثون شهرًا. والتقييد بحولين في الآية الأولى محمول في نظره على استحقاق الأجر؛ لأن المطلَّقة إذا طلبت أجرة الرضاع بعد حولين: لا يجبر الزوج على الإعطاء. ولو وقع ذلك في الحولين، يجبر على الإعطاء.

فقوله تعالى: ﴿يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ﴾ أي لمن أراد من الآباء أن يُتم الرضاعة بالأجرة، وهذا لا يقتضي أن انتهاء مدة الرضاعة مطلقًا يكون بالحولين. . بل هو مدة استحقاق الأجر بالإرضاع (١).

والراجح عندنا: ما ذهب إليه الصاحبان؛ لأن الحمل غير الفصال، والمجموع للحمل والفصال ثلاثون شهرًا، وليس هنالك ما يقوِّي حمل التقييد بالحولين في الآية الأولى على استحقاق الأجر (٢). والجنوح إلى غير المعنى الظاهر للآية: يحتاج إلى دليل صالح لذلك.

ج - ويرى عبد العزيز البخاري صاحب "كشف الأسرار" أن مما يصلح مثالًا للتعارض بين الظاهر والنص من السنّة قوله : "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" (٣) مع قوله: "مَن كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة" (٤).

فالنص الأول (ظاهر) في نفي الجواز عمومًا في كل صلاة، فيتناول


(١) راجع: "فتح القدير" (٣/ ٥ - ٦).
(٢) انظر: "الهداية" مع "فتح القدير"، و "العناية"، و "حاشية سعدي جلبي" (٣/ ٦).
(٣) رواه أحمد (٢٣٠٥٣) وأصحاب الكتب السنة بلفظ: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" البخاري (٧٥٦)، مسلم (٣٩٤)، أبو داود (٨٢٢)، الترمذي (٢٤٧)، النسائي (٩١٠)، ابن ماجه (٨٣٧) بألفاظ مختلفة.
(٤) روي مسندًا من طرق كلها ضعاف، والصحيح أنه مرسل، "منتقى الأخبار" مع "نيل الأوطار" (٢/ ٢٢٨). وانظر ما يأتي في الحاشية: رقم (٢) من ص ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>