كذلك، لو توضأت في وقت صلاة، فصلّت، ثم أرادت أن تتطوع بذلك الوضوء كان ذلك لها ما دامت في الوقت.
فدلّ ذلك أن الذي ينقض تطهرها، هو خروج الوقت، وأن وضوءها يوجبه الوقت لا الصلاة.
والمعلوم أن المستحاضة، لو فاتتها صلوات، فأرادت أن تقضيهن، كان لها أن تجمعهن في وقت صلاة واحدة، بوضوء واحد.
فلو كان الوضوء يجب عليها لكل صلاة، لكان يجب أن تتوضأ لكل صلاة من الصلوات الفائتات. فلما كانت تصليهن جميعًا بوضوء واحد: ثبت بذلك أن الوضوء الذي يجب عليها: هو لغير الصلاة وهو الوقت.
قال أبو جعفر:(وحجة أخرى: أنا قد رأينا الطهارة تنتقض بأحداث، منها: الغائط، والبول. وطهارات تنتقض بخروج أوقات، وهي: الطهارة بالمسح على الخفَّين، ينقضها خروج وقت المسافر، وخروج وقت المقيم. وهذه الطهارات المتفق عليها، لم نجد فيما ينقضها صلاة، إنما ينقضها حدث، أو خروج وقت.
وقد ثبت أن طهارة المستحاضة، طهارة ينقضها الحدث، وغير الحدث.
فقال قوم: هذا الذي هو غير الحدث، هو خروج الوقت.
وقال آخرون: هو فراغ من صلاة، ولم نجد الفراغ من الصلاة حدثًا فهو شيء غير ذلك، وقد وجدنا خروج الوقت حدثًا في غيره.
فأولى الأشياء: أن نرجع في هذا الحدث المختلف فيه، فنجعلَه كالحدث الذي قد أُجمع عليه، ووُجد له أصل، ولا نجعله كما لم يجمع عليه، ولم نجد له أصلًا. فثبت بذلك قول من ذهب إلى أنها تتوضأ لكل وقت صلاة) (١).