للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمنها: ما أبانه لخلقه نصًّا، مثل جمل فرائضه، في أن عليهم صلاة، وزكاة، وحجًا، وصومًا، وأنه حرّم الفواحش: ما ظهر منها وما بطن، ونصّ الزنى، والخمر، وأكل الميتة، والدم، ولحم الخنزير. وبيّن لهم كيف فرض الوضوء، مع غير ذلك مما بيَّن نصًا.

ومنها: ما أحكم فرضه بكتابه، وبيَّن كيف هو على لسان نبيه، مثل: عدد الصلوات، والزكاة ووقتها، وغير ذلك من فرائضه التي أنزل من كتابه.

ومنها: ما سنّ رسول الله مما ليس فيه نص حكم. وقد فرض الله في كتابه طاعة رسوله ، والانتهاء إلى حكمه. فمن قبِل عن رسول الله ، فبفرض الله قبِل) (١).

وهكذا أطلق الإمام الشافعي، على ما يحتمل، وما لا يحتمل أنه نص.

وفي مكان آخر يقابل النص بالمجمل فيقول:

(وسنن رسول الله مع كتاب الله وجهان، أحدهما: نص كتاب فاتَّبعه رسول الله كما أنزل الله. والآخر: جملة بيّن رسول الله فيه عن الله معنى ما أراد بالجملة، وأوضح كيف فرضها عامًا، أو خاصًّا، وكيف أراد أن يأتي به العباد، وكلاهما اتّبع فيه كتاب الله) (٢).

وممن تبنّى تعريف الشافعي للنص، وعدم التفريق بينه وبين الظاهر: القاضي أبو بكر الباقلاني (٣).

ويبدو أن الإمام الشافعي ، قد راعى المعنى اللغوي حين لم يفرّق بين النص والظاهر. قال إمام الحرمين في "البرهان":

(أما الشافعي فإنه يسمّي الظواهر نصوصًا في مجاري كلامه، وكذلك القاضي، وهو صحيح في وضع اللغة؛ فإن النص معناه الظهور) (٤).


(١) "الرسالة" (ص ٢١ - ٢٢) تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر.
(٢) "الرسالة" (ص ٩١).
(٣) هو محمد بن الطيب بن محمد من أفاضل علماء المالكية وأئمة الأشعريين، من مصنفاته: "الإبانة" شرح "اللمع" في أصول الدين، "إعجاز القرآن" ومنها: "التمهيد" و "المقنع" في أصول الفقه، وله "كشف الأسرار وهتك الأستار" في الرد على الباطنية، توفي سنة ٤٠٣ هـ.
(٤) انظر: "البرهان" مخطوطة دار الكتب المصرية نسخة مصورة، ثم طبع محققًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>