للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن حزم من الظاهرية على هذا أيضًا؛ فالأمر في الآية عنده على ظاهره، وهو الوجوب (١).

ومثل ذلك الإشهاد: يرى بعض التابعين، وعلى رأسهم عطاء: أنه واجب.

بينما يرى الجمهور أن الأمر فيه للندب.

وقد ذكر العلماء ما من أجله صُرف الأمر إلى الندب عن الوجوب.

فنقل القرطبي عن بعض العلماء أن الإشهاد إنما جعل للطمأنينة، وذلك أن الله تعالى جعل لتوثيق الدين طرقًا، منها: الكتاب. ومنها: الرهن. ومنها: الإشهاد.

كما نقل أنه لا خلاف بين علماء الأمصار، أن الرهن مشروع بطريق الندب، لا بطريق الوجوب، فيعلم من ذلك مثله في الإشهاد (٢).

ب - ومن الظواهر أيضًا: مطلق صيغة النهي؛ فهي ظاهرة في التحريم عند الجمهور مؤولة، إذا حملت على التنزيه (٣).

مثال ذلك: اختلاف العلماء في الصلاة في المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق، والحمام، ومعاطن الإبل، وفوق ظهر الكعبة، هل هو حرام أو مكروه؟ بناء على نهي النبي عن الصلاة في تلك الأماكن (٤).


(١) "الإحكام في أصول الأحكام" لابن حزم (٣/ ٢٠ - ٢١).
(٢) راجع: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٣/ ٤٠٤).
(٣) سيأتي الكلام عن ذلك مفصّلًا في مباحث النهي.
(٤) عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله نهى أن يصلّى في سبعة مواطن: "في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق، وفي الحمّام، وفي أعطان الإبل وفوق ظهر بيت الله" أخرجه الترمذي (٣٤٦) وابن ماجه (٧٤٦).
انظر: "منتقى الأخبار" مع "نيل الأوطار" (٢/ ١٤٢ - ١٤٤) وللحديث أكثر من رواية، وحول بعض رجال السند كلام انظره في المصدرين السابقين (٢/ ١٤٢ - ١٤٣). وانظر: "جامع الأصول" لابن الأثير الجزري: (٣٦٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>