للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقع في الأمور التي ذكرنا، يقع في الأسماء، وفي الأفعال، وفي الحروف. وذلك: مثل حرف (إلى) فإنه ظاهر في التحديد والغاية، مؤول في الجمع (١).

والآن، وفي ضوء ما تقدم: ليس في مقدورنا أن نغفل الحقيقة التي تدل على نفسها، وهي: أن ميدان الاختلاف قد اتسع أمام الفقهاء في تقويم الدواعي والأسباب، التي يمكن أن تجعل من اللفظ ظاهرًا في الدلالة، يحتمل ترجيح أحد معنيه على الآخر.

وقد بني على هذا الاختلاف في التقويم: اختلاف في كثير من الفروع والأحكام.

ولنأخذ لذلك لفظ (الصعيد) في قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ [المائدة: ٦].

فالإمام الشافعي - وهو من أئمة اللغة - لا يقع الصعيد عنده إلا على التراب، فهما في نظره مترادفان؛ لذلك يرى أن التيمم لا يجوز إلا بما يقع عليه اسم الصعيد (٢).

وذهب الإمام مالك - في المشهور عنه - إلى جواز التيمُّم بكل ما صعد على وجه الأرض من أجزائها، كالحصى، والرمل، والتراب؛ وذلك لأنه يرى أن (الصعيد) يصدق على كل ما صعد على وجه الأرض (٣).

وإلى جانب المؤيدات التي يوردها كل من أصحاب المذهبين، يجيب


(١) راجع: "البحر المحيط" للزركشي (١/ ٣٧٦).
(٢) جاء في "الأم" (١/ ٤٣) تحت عنوان [باب التراب الذي يتيمم به ولا يتيمم] (قال الشافعي : قال الله : ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: ٤٣ والمائدة: ٦] قال الشافعي: وكل ما وقع عليه اسم صعيد لم تخالطه نجاسة فهو صعيد طيب يتيمم به، وكل ما حال عن اسم صعيد لم يتيمم به، ولا يقع اسم صعيد إلا على تراب ذي غبار. قال الشافعي: فأما البطحاء الغليظة والرقيقة والكثيب الغليظ: فلا يقع عليه اسم صعيد. وإن خالطه تراب أو مدر يكون له غبار: كان الذي خالطه هو الصعيد).
(٣) "بداية المجتهد" (١/ ٧١) "حاشية الدسوقي" على الدردير (١/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>