للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وكيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون فيه البيت بالوصيف" (١) - يعني القبر - قلت: الله ورسوله أعلم، قال: أو ما اختار الله لي ورسوله، قال: "عليك بالصبر" أو قال: "تصبر".

قال الخطابي: (موضع استدلال أبي داود من الحديث: أنه سمّى القبر بيتًا، والبيت حرز، والسارق من الحرز مقطوع إذا بلغت سرقته مبلغ ما تقطع فيه اليد) (٢).

وأشار ابن الأثير إلى الحديث في "النهاية" وقال في آخر كلامه: (وقبر الميت بيته) (٣).

هذا إلى أن مصلحة الجماعة تقتضي ما ذهب إليه الجمهور؛ فالنباش يأتي بالحقير من العمل حين يقدم على سرقة الكفن، فينتهك حرمة الميت، ويرتكب الجناية التي تضم إلى السرقة، أنها تمثل خبث النفس، وسوء الطوية، وإهدار كرامة الإنسان.

وتأييدًا لما جنحنا إليه: نرى من الخير أن نثبت هنا ما قاله ابن حزم إيضاحًا لمذهبه في المسألة، مع العلم أنه متفق مع الجمهور، على رأي له في مبلغ ما تقطع به يد السارق (٤).

فبعد أن سرد أبو محمد الأقوال والآثار، قرر أن قطع النباش - بصرف النظر عن هذا كله - ثابت بلغة الكتاب وما تفرضه الشريعة. قال : (والذي نقول به وبالله تعالى التوفيق: أن كل هذا لا معنًى له، لكن الفرض هو ما افترض الله تعالى ورسوله الرجوعَ إليه عند التنازع، إذ يقول


(١) الوصيف: العبد، والأمة: وصيفة، وجمعها وُصَفاء ووصائف، قال الخطابي: (يريد أن الفضاء من الأرض يضيق عن القبور ويشتغل الناس بأنفسهم عن الحفر لموتاهم حتى تبلغ قيمة القبر قيمة العبد) "معالم السنن" (٣/ ٣١٢).
(٢) راجع: "معالم السنن" للخطابي (٣/ ٣١٢ - ٣١٣).
(٣) راجع: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٤/ ٢١٣).
(٤) انظر: "المحلى" (١١/ ٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>