للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يبتعد الأصوليون عن المعنى اللغوي في تعريفهم للبيان، فهو عندهم (إظهار المعنى وإيضاحه للمخاطب منفصلًا عما تستَّر به).

واعتبار البيان الإظهار دون الظهور، هو ما جرى عليه الإمام الشافعي وأكثر علماء الأصول من الحنفية، وعلى رأسهم فخر الإسلام البزدوي (١) الذي قرر ذلك بقوله: (والمراد به - أي البيان - في هذا الباب عندنا الإظهار دون الظهور) (٢).

وقد عزا عبد العزيز البخاري (٣) شارح "أصول البزدوي" القول بالظهور، إلى بعض الحنفية، وأكثر الشافعية، مبينًا أنهم جنحوا إلى ذلك بناء على أن الأصل في البيان لغةً: الظهور، حيث يقال: بأن لي هذا المعنى بيانًا - أي ظهر واتضح -، وبان الهلال: أي ظهر وانكشف.

ولقد يؤيد ما ذهب إليه الأولون من جعل المراد بالبيان عندهم الإظهار دون الظهور، أي أن أكثر استعماله جاء بمعنى الإظهار، فإن الرجل إذا قال: بيّن فلان كذا بيانًا، يفهم منه العربي أنه أظهره إظهارًا لم يبقَ معه شك،


= وانظر: "جامع الأصول في أحاديث الرسول" لابن الأثير الجزري (٩٤١٨، ٣٢١٨، ٣٢١٩)، "تخريج أحاديث البزدوي" للقاسم بن قطلوبغا (ق ٣٤) مخطوطة دار الكتب المصرية، وهو الآن قيد الطبع بتحقيقنا، "الجامع الصغير" للسيوطي مع "فيض القدير" للمناوي (٢/ ٥٢٤ - ٥٢٥)، "المقاصد الحسنة" للسخاوي (ص ١٢٩)، "كشف الخفا والإلباس" للعجلوني (١/ ٢٥٣ - ٢٥٥).
(١) هو علي بن محمد، أبو الحسن فخر الإسلام البزدوي، من كبار الحنفية في الأصول والفقه والتفسير، كان من سكان سمرقند، ونسبته إلى قلعة بزدة. من تصانيفه: "المبسوط"، و"كنز الأصول إلى معرفة الأصول" ويعرف بـ "أصول البزدوي" و "غناء الفقهاء"، و "شرح الجامع الصغير والكبير" في الفقه، و"تفسير القرآن" توفي في سنة ٤٨٢ هـ.
(٢) راجع: "الرسالة" للإمام الشافعي "باب كيف البيان" ص ٢١ فما بعدها تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر. "أصول البزدوي" (٣/ ٨٢٤) مع شرحه "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري.
(٣) هو عبد العزيز بن أحمد بن محمد، علاء الدين البخاري من كبار الحنفية في الأصول والفقه، من مصنفاته: "كشف الأسرار" في شرح أصول البزودي - وهو شرح متميَّز -، و"غاية التحقيق" شرح المنتخب الحسامي في الأصول للأخسيكثي، توفي سنة ٧٣٠ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>