للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شِئْتُمْ﴾ قال: يأتيها كيف يشاء ما لم يكن يأتيها في دبرها، أو في الحيض. وروي مثل ذلك عن عكرمة ومجاهد وابن كعب وغيرهم.

ب - وذهب آخرون إلى تأويل (أنّى شئتم) بـ (متى شئتم). وقد روي ذلك عن الضحاك، ولعله مأخوذ مما أوضحه ابن عباس بقوله: (إذا اشتغل من هاهنا جئت من هاهنا، ولكن أنّى شئتم من الليل والنهار).

ج - وقال آخرون: معنى (أنى شئتم) أين شئتم وحيث شئتم. وقد روي ذلك عن ابن عمر ونافع وابن المسيب وآخرين. وفي هذا جواز إتيان المرأة في غير الموضع المعلوم.

د - وذهب قوم إلى أن المعنى: ائتوا حرثكم كيف شئتم، إن شئتم فاعزلوا، وإن شتم فلا تعزلوا. وقد نسب ذلك إلى ابن عباس وإلى سعيد بن المسيب من التابعين (١).

وهكذا كان تداخل المعاني في كلمة (أنّى) أساسًا قام عليه الاختلاف في تأويل الآية، والحكم الذي دلّت عليه.

والذي عليه الجمهور من الصحابة والتابعين والعلماء من بعدهم، أن قوله تعالى: ﴿فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ معناه: من أي وجه شئتم من وجوه المأتى (٢).

وبهذا يكون مدلول الآية، قصر الاتصال بالمرأة على الموضع الذي هو طريق النسل.


(١) راجع: لهذه الأقوال والآثار، وأقوال أخرى في المسألة "تفسير الطبري" (٤/ ٣٩٨ - ٤١٦). وانظر: "منتقى الأخبار" مع "نيل الأوطار" (٦/ ٢١٢) فما بعدها.
هذا: وقد تكفلت كتب التفسير، والحديث، والأحكام، ببيان هذه الأقوال وعلاقتها بما ورد من آثار في سبب نزول الآية.
(٢) انظر: "أحكام القرآن" للشافعي جمع البيهقي (١/ ١٩٤)، "الأم" (٥/ ١٥٦)، "مختصر المزني على هامش الأم" (٢/ ٢٩٣ - ٢٩٤)، "تفسير الطبري" (١/ ٣٩٨ - ٤١٦)، "شرح معاني الآثار" للطحاوي (٢/ ٢٣ - ٢٦)، "سنن البيهقي" (٧/ ١٩٤ - ١٩٩)، "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ١٧٤)، "تفسير القرطبي" (٣/ ٩١ - ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>