للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب - كان من ثمرات هذا الاختلاف في الاصطلاح: أن بيان المجمَل عند المتكلمين، لا ينحصر في أن يكون من قِبل المجمِل نفسه، بل يمكن أن يكون بالقرائن والاجتهاد (١).


(١) ذكر السالمي من الإباضية أن البيان يكون بالعقل والنقل من كتاب أو سنّة في قول أو فعل أو تقرير. كما يكون بالإجماع، وقد مثّل للبيان بالعقل بقوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ﴾ [النحل: ١٧] ونقل عن البدر الشماخي أن جميع حجج الله على الكفار بل الحجج مطلقًا، إنما بيانها بالعقل، يعني أن الرب سبحانه ألزم المشركين في احتجاجه عليهم أمورًا لا يمكن إنكارها عقلًا، فالعقل قاض بيان تلك الأمور فهو بيان عقلي.
كما مثّل للبيان بالكتاب بقوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (١١)﴾ [النساء: ١١]، فهي بيان للنصيب المفروض في قوله: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (٧)﴾ [النساء: ٧] ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ﴾ [النساء: ٣٣].
وجاء لبيان السنّة بالقول بقوله : "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة"، فهر بيان لقوله تعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١].
والبيان بالإجماع يراه اتفاقًا ممن أثبت حجية الإجماع وذلك نحو ما أجمعوا عليه من أن قول أبي بكر رضوان الله عليه: (وأيم الله لأقاتلن مَن فرق بين الصلاة والزكاة) بيان لقوله : "فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها".
قال السالمي: (فبيّن إجماعهم على قول الصدق أن من حقها أن لا يفرق بين الصلاة والزكاة). راجع: "طلعة الشمس" (١/ ١٨٨ - ١٩٠).
أما صاحب "منهاج الوصول" من الزيدية: فقد نقل صحة البيان بكل من الأدلة السمعية وهي الكتاب والسنّة المقالية والإجماع والفعل والتقرير، وذكر خلاف أبي علي الدقاق في العقل، وخلاف أبي عبد الله البصري في التقرير، ورد قوليهما محتجًا برجوع الصحابة إلى كل من الفعل والتقرير من سننه . وبيانه بفعله "صلُّوا كما رأيتموني أصلي"، "خذوا عني مناسككم". راجع: "منهاج الوصول" (ق ٣٩ / أ). هذا ويجب أن يعلم أن الإمامية يرون أن المعصومين عندهم هم أئمة البيان بعد النبي وذلك من ثمرات اعتقادهم بالإمام وعصمته.
راجع: "تهذيب الوصول" للحلي (ص ٤٦)، "أصول الفقه الجعفري" لأستاذنا الشيخ محمد أبو زهرة (ص ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>