للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا لا يعني أن كل أنواع المجمَل، يدرك بيانها بالاجتهاد أو القرائن، فإن هنالك نوعًا من المجمَل عند المتكلمين - وهو المجمّل عند الحنفية - لا يمكن أن يكون بيانه إلا من قِبل الذي أجمله، كما هو الأمر عند الحنفية سواء بسواء.

ج - أما عن المتشابه الذي يجري ذكره في الاصطلاحات المتقدمة: فإن الحديث عنه في الماضي لا يمنعنا من تصنيف القوم من خلال نظرتهم إليه كما يلي:

١ - المتكلمون ومعهم من الحنفية أبو الحسن الكرخي، وأبو بكر الجصاص ومَن على شاكلتهما قبل القرن الخامس، الذي اصطلحوا على متشابه يمكن أن ينسب إلى نصوص الأحكام التكليفية، ورأينا أنه مع المجمَل على حد سواء، وإن كان هذان الفريقان قد يختلفان في تطبيق القاعدة على بعض الجزئيات.

٢ - الحنفية بدءًا من القرن الخامس الذي جعلوا المتشابه مما يستأثر الله بعلمه أو يعلمه الراسخون، وأدرجوه - مع ذلك - في زمرةٍ موطنُها نصوص الأحكام التكليفية، وكان ذلك في حيز الكلام النظري الذي لا يمكن أن يتأثر به الواقع العملي؛ لأن الشريعة ومعرفة طبيعة الحكم الذي يراد للمكلف أن يلتزمه، مما يقتضي المعرفة بما هو في حدود التكليف.

٣ - ابن حزم الذي حصر المبهم من الألفاظ في المجمَل وجعل المتشابه في غير دائرة الشرائع، فلا علاقة له بأي من نصوص الأحكام.

د - لقد ترتب على هذا التطابق بين المجمَل والمتشابه في نظر المتكلمين أن بحثوا في الإجمال هل يمكن أن يبقى مستمرًا، أم لا بد أن يكون قد حصل له البيان؟

ولقد تناول هذه المسألة أولئك العلماء وقرروا - نتيجة الاستقراء وتمشيًا مع طبيعة التكليف وأنه لا يكون بالمحال -: أنه لا يمكن استمرار الإجمال فيما له علاقة بالتكليف.

من هؤلاء العلماء: إمام الحرمين الذي أتى على ذكر المجمَل والمتشابه، وبعد أن بيّن أن المتشابه هو المجمَل: اختار أن كل ما يوجب التكليف العلم به، يستحيل استمرار الإجمال فيه؛ لأن ذلك يجر إلى تكليف

<<  <  ج: ص:  >  >>