للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو مقدار ذلك المسح (١). وسنكتفي هنا بذكر القليل عنوانًا لما وراءه من الكثير:

١ - فمما جرى الاختلاف في إجماله: الألفاظ التي علّق التحليل والتحريم فيها بأعيان؛ كقوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] من آية المحرمات في سورة النساء. وقوله جلّ وعلا: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٣].

أ - فذهب الجمهور إلى أن هذه الألفاظ ليست من المجمَل، ووصف الشيرازي هذا القول بأنه الأصح، وممن قال بذلك: الزيدية (٢) والإباضية (٣). ونسبة الإمامية إلى الإمام جعفر الصادق (٤).

ب - وقال الكرخي والبصري وغيرهما: إنها مجملة.

وكانت حجة الجمهور: أن التحليل والتحريم في مثل هذا، إذا أطلق عُقل منه التصرفات المقصودة لغة في عرف الاستعمال، فالذي يسبق إلى الفهم من قول القائل: هذا طعام حرام، هو تحريم أكله، ومن قول القائل: هذه المرأة حرام، هو تحريم وطئها. وتبادر الفهم عند الإطلاق: دليل الحقيقة.

وعلى هذا يكون المراد من التحريم في قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ تحريمَ الوطء؛ لأن ذلك هو المطلوب الذي يعقل من تلك الأعيان، كما يكون المراد منه في قوله سبحانه: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ تحريمَ الأكل، وما عقل المراد من لفظه لا يكون مجملًا. وإلى جانب ذلك استدل صاحب "منهاج الوصول" من الزيدية باستدلال الصحابة والتابعين بها على التحريم، ولو كانت مجملة لم يُستدل بها على شيء.

واحتجّ القائلون بالإجمال: بأن العين لا توصف بالتحليل ولا بالتحريم، وإنما الذي يوصف بذلك: أفعالنا المتعلقة بتلك العين أو الأعيان. فالذي


(١) انظر: "الهداية" وشروحها خصوصًا "العناية" و "الفتح القدير" (١/ ١٠).
(٢) راجع: "منهاج الوصول إلى شرح معيار العقول" (ق ٤١/ أ) مخطوطة دار الكتب المصرية.
(٣) راجع: "طلعة الشمس" للسالمي الإباضي (١/ ١٧٧ - ١٨٠).
(٤) راجع: "نهاية الوصول" لابن المطهر الحلي (ق ١٢٧/ أ)، "التهذيب" للحلي مع شرح "منية اللبيب" للحسني (٤٩ - ٥٠)، "أصول الفقه الجعفري" للأستاذ أبي زهرة (ص ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>