للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحرم: هو فعل من تلك الأفعال المتعلقة بالأعيان المذكورة، والفعل غير مذكور، وليس بعض الأفعال أوْلى من البعض الآخر، فافتقر إلى بيان ما يحرم منها وما لا يحرم؛ فكان الإجمال لعدم اتضاح المعنى المراد، لعدم إمكان إجراء اللفظ على ظاهره.

وهذا الكلام - فيما نرى - مدفوع بما احتج به الجمهور؛ فمن المسلّم به أن التحريم لا يضاف إلى الأعيان، وقول هؤلاء: ليس إضمار بعض الأحكام أوْلى من بعض، لا يرد؛ لأن عرف الاستعمال عيَّن المراد كما يعيّنه الوضع. فهذا الاستعمال حقيقة عرفية في اقتضاء إضافة التحريم إلى الفعل المطلوب من العين. وهو فيما نحن بصدده: تحريم الاستمتاع بالنسبة للأمهات. وتحريم الأكل بالنسبة للميتة. وهكذا فلا إجمال؛ لأن البعض متضح متعين بالعرف المذكور (١).

٢ - ومما جرى الاختلاف في إجماله أيضًا قوله فيما رواه ابن عباس: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه" (٢) وغير ذلك مما ينفي صفة، والمراد لازمٌ من لوازم هذا النفي.

أ - وقد ذهب الجمهور إلى أنه غير مجمَل.


(١) راجع: "اللمع" للشيرازي (ص ٢٨) "الإحكام" للآمدي (٣/ ١٤ - ١٥)، ابن الحاجب مع "شرح العضد" (٢/ ٨)، "روضة الناظر" لابن قدامة (٢/ ٤٦)، "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص ١٦٩ - ٢٧٠)، "أصول الحضري" (ص ١٦٦).
(٢) هذا الحديث يروى في كثير من كتب الأصول والفقه، بلفظ: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" وجاء في "اللآلئ المصنوعة" قول السيوطي: (لا يوجد بهذا اللفظ. وأقرب ما وجد ما رواه ابن عدي في "الكامل" عن أبي بكرة بلفظ: "رفع الله عن هذه الأمة ثلاثًا: الخطأ والنسيان والأمر يكرهون عليه" .... ) وأخرج ابن ماجه (٢٠٤٥) عن ابن عباس يرفعه قال: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" وحكم عليه البوصيري بالانقطاع ورواه ابن حبان عنه يرفعه (٧٢١٩)، وكذا الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٥٦).
وانظر: "المقاصد الحسنة" للسخاوي (ص ٢٢٨ - ٢٢٩)، "كشف الخفا ومزيل الإلباس" للعجلوني (١/ ٤٣٢)، "المستدرك" للحاكم (٢/ ١٩٨) وقد أورده بلفظ: "تجاوز الله عن أمتى … ".

<<  <  ج: ص:  >  >>