للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب - وذهب إلى الإجمال بعض الأصوليين كأبي الحسين أبي عبد الله البصري.

احتجّ الجمهور بالعرف الذي يحسب حسابه في مدلولات الخطاب؛ فإن العرف في مثل هذا التعبير قبل ورود الشرع: يعني رفع المؤاخذة ونفي العقوبة، فيكون المقصود الحكمَ الذي علم بعرف الاستعمال قبل الشرع، وهو رفع الإثم، وبذلك يكون اللفظ متضح المعنى، فلا إجمال (١).

وقد يرد على ذلك: أنه لو كان عرف الاستعمال، كما ذكر النافون للإجمال، لارتفع الضمان في الحديث، لكون الضمان من جملة المؤاخذات والعقوبات.

وقد أجاب الآمدي عن ذلك بجوابين:

الأول: - أنا لا نسلّم أن الضمان - من حيث هو ضمانٌ - عقوبةٌ، ولهذا يجب في مال الصبي والمجنون وليسا أهلًا للعقوبة، وكذلك يجب على المضطر في المخمصة إذا أكل مال غيره، مع أن الأكل واجب عليه حفظًا لنفسه، وكذلك يجب الضمان على من رمى إلى صف الكفار فأصاب مسلمًا، مع أنه مأمور بالرمي وهو مثاب عليه.

الثاني: وإن سلّمنا أنه عقاب، لكن غايته لزوم تخصيص عموم اللفظ الدال على نفي كل عقاب، وذلك أسهل من القول بالإجمال (٢).

واحتجّ القائلون بالإجمال: بأن ظاهر اللفظ يقتضي - بوضعه لغة - وضعَ الخطأ والنسيان في نفسه، وذلك موجود، فيجب أن يكون المراد معنًى غيرَ


(١) راجع: "اللمع" للشيرازي (ص ٤٩)، "روضة الناظر" لابن قدامة (٢/ ٥٠ - ٥١)، ابن الحاجب مع "العضد" (٢/ ٢٨٩).
(٢) راجع: "الإحكام" للآمدي (٣/ ١٨ - ٢٠)، "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص ١٧١). وانظر: "نهاية الوصول إلى علم الأصول" للمطهر "الحلي" (١٢٧/ أ)، "التهذيب" مع "شرح المنية" (٤٩ - ٥٠)، "منهاج الوصول في شرح معيار العقول" من أصول الزيدية (ق ٤١/ أ)، "طلعة الشمس" للسالمي الإباضي (١/ ١٧٩ - ١٨١)، "أصول الخضري" (ص ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>