هذا: وقد عرض ابن رشد لمسألة التأويل في الآية في كتابه "بداية المجتهد" فبعد أن بيّن أن للعلماء من دخول المسجد للجنب ثلاثة أقوال هي: منع ذلك بإطلاق وهو مذهب مالك وأصحابه. منع ذلك إلا لعابر فيه، لا مقيم وهو مذهب الشافعي وآخرين. إباحة ذلك للجميع وهو - فيما يحسب ابن رشد - مذهب قوم منهم داود وأصحابه، قال بعد ذلك: (وسبب اختلاف الشافعي وأهل الظاهر هو تردد قوله ﵎: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ الآية [النساء: ٤٣]، بين أن يكون في الآية مجاز حتى يكون هنالك محذوف مقدّر وهو موضع الصلاة، ويكون عابرو السبيل استثناء من النهي عن قرب موضع الصلاة، وبين أن لا يكون هناك محذوف أصلًا، وتكون الآية على حقيقتها، ويكون عابر السبيل هو المسافر الذي عدم الماء وهو جنب، فمن رأى أن في الآية محذوفًا أجاز المرور للجنب في المسجد). قال ابن رشد: (وأما من منع العبور في المسجد: فلا أعلم له دليلًا إلا ظاهر ما روي عنه ﵊ أنه قال: "لا أحل المسجد لجنب، ولا حائض" وهو حديث غير ثابت عند أهل الحديث). انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٤٨).