للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللفظ نفسه، ويدل عليها بطريق من طرق الدلالة، بمنطوقه أو مفهومه: على ما سنبيّنه فيما بعد. ويكون في الوقت نفسه موافقًا لوضع اللغة - ولو على سبيل المجاز - أو عرف الاستعمال، أو عادة صاحب الشرع … وذلك بالإضافة إلى كون اللفظ ظاهرًا فيما عُرِفَ عنه، وهذا يشمل - كما قدّمنا - الظاهر والنص عند الحنفية، والظاهر عند غيرهم.

فالعام: إذا صرف عن العموم، وأريد به بعض أفراده بدليل: فهو تأويل صحيح، لأن العام يحتمل الخصوص، وحين يراد به بعض أفراده، فقد أوّل إلى معنًى يحتمله. والمطلق: إذا صُرِف عن الشيوع وحمل على المقيد بدليل فهو تأويل صحيح؛ لأن المطلق يحتمل التقييد، وحين حُمِلَ على المقيد: فقد أُوِّل إلى معنًى يحتمله. كذلك الحقيقة إذا صَرِفتْ إلى المجاز بقرينة مقبولة، فهو تأويل صحيح؛ لأنه صرف اللفظ إلى معنًى يحتمله بدليل.

ومن ذلك في أحكام الفقه: صرفُ الشاة عن ذاتها إلى قيمتها، نظرًا إلى غرض الشارع، أو ما يمكن أن يسمى حكمة التشريع: فهو تأويل صحيح، وإن كان الحكم على قربه أو بعده من المختلف فيه كما سيأتي.

ومثل ذلك: لو صرف البيع عن معناه الحقيقي إلى الهبة، لقيام الدليل على أنه تمليك بالمجان، فهو تأويل صحيح؛ لأنه صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنًى يحتمله.

أما إذا كان المعنى الذي صرف إليه اللفظ: من المعاني التي لا يحتملها اللفظ نفسه، ولا يدل عليها بوجه من وجوه الدلالة، فلا يكون التأويل صحيحًا مقبولًا؛ فلو أريد بالشاة: البقرة أو الجمل، وأريد بالبيع: الوقف، أو أريد بالقرء: غير الحيض أو الظهر، مع أن العربية أطلقته عليهما فقط، اعتبر التأويل غير صحيح، ورُدَّ على صاحبه، لأنه تحميل للفظ ما لا يحتمله، وخروج عن سَنَنِ الشرع في لغته، أو عادته، أو عُرْفِ استعماله.

٢ - أن يقوم على التأويل دليل صحيح، يدل على صرف اللفظ عن

<<  <  ج: ص:  >  >>