للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عضد التأويل به أظهر: فالتأويل سائغ معمول به. وإن تساويا وقع ذلك في رتبة التعارض).

وهكذا: ليس المطلوب عند الجويني، الدليل فقط، بل الدليل الذي يصلح سندًا للتأويل، بحيث يقوى على الصرف عن الظاهر إلى غيره.

هذا: وقد يكون الاحتمال بعيدًا جدًّا، فيحتاج إلى دليل في غاية القوة. وقد يكون قريبًا فيكفيه أدنى دليل. وقد يكون متوسطًا فيَحتاج إلى دليل متوسط (١).

وقد اختلفت أنظار العلماء من الحنفية والمتكلمين حول تقديم بعض الأدلة وقوتها على إمكان الصرف عن الظاهر إلى غيره: وذلك كما يرى في تخصيص العام بخبر الواحد والقياس؛ فالحنفية لا يرون ذلك، والشافعية ومَن معهم يذهبون إليه، كما سيأتي:

ومثل ذلك الخلاف في تقييد المطلق في بعض الحالات، وغير ذلك من أمور سنعرض لها في موطنها من البحث.

وعلى كل: فالدليل الذي يُبْنَى عليه التأويل: قد يكون قرينة، أو نصًا شرعيًا، وقد يكون قياسًا أو مبدأً من مبادئ الشريعة، وقد يكون غرض الشارع فيما من أجله كان الحكم.

والقرينة: تارة تكون متصلة بالظاهر المراد تأويله، وتارة تكون منفصلة عنه.

أ - ويمكن التمثيل للقرينة المتصلة - كما في "نزهة الخاطر" - بما حصل بين الإمامين الشافعي وأحمد في شأن الرجوع بالهبة، وحكم العائد بهبته.

فقد روى صالح وحنبل عن الإمام أحمد أنه قال: كلمت الشافعي في أن الواهب ليس له الرجوع فيما وهب لقوله : "العائد


(١) راجع: "روضة الناظر" لابن قدامة مع "نزهة الخاطر" البدران (٢٢/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>