للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سائرهن" (١).

فالذي يدل عليه ظاهر الحديث: أن الكافر إذا أسلم، وعنده أكثر من أربع نسوة، له أن يبقيَ في عصمته مَن شاء منهن بحدود الأربع، وعليه أن يفارق الباقيات.

وإلى هذا ذهب الشافعي ومالك وأحمد وداود (٢)، وذكر ابن شداد (٣) في كتابه "دلائل الأحكام" أن محمد بن الحسن رجع إلى هذا القول حين ناظره الشافعي في هذه المسألة (٤).

وقد ذهب إلى غير هذا أبو حنيفة والثوري (٥).

ولقد أوّل الحنفية قول الرسول : "أمسك أربعًا وفارق سائرهن" بأن المراد: ابتدئ زواج أربع منهن، إن كان الزواج بعقد واحد. وفارق سائرهن بأن لا تبتدئ العقد عليهن، وأمسك الأوائل منهن، إن كان الزواج مرتّبًا بعقدٍ لكل منهن، وفارق سائرهن: أي الأواخر.


(١) حول الرواية، يلفظ "أمسِك" كلام معروف في كتب الحديث وقد فصّل الترمذي القول فيه، وذكر ذلك البيهقي، والذي رواه أحمد (١١٢٨)، والترمذي، وابن ماجه (١٩٥٣) "أسلم غيلان الثقفي على عشر نسوة في الجاهلية، فأسلمن معه، فأمره النبي أن يختار منهن أربعًا" وزاد أحمد في رواية: "فلما كان في عهد عمر، طلّق نساءه وقسم ماله بين بنيه، فبلغ ذلك عمر فقال: إني لأظن أن الشيطان فيما يسترق من السمع، سمع بموتك فقذف في نفسك، ولعلك لا تمكث إلا قليلًا. وأيم الله لتراجعن نساءك، ولتراجعن مالك، أو لأورثهنَّ منك ولآمرن بقبرك أن يُرجم كما رُجم قبر أبي رغال"، وأبو رغال رجل من ثمود.
انظر: "ترتيب مسند الشافعي" للسندي (٢/ ١٦)، "الأم" (٤/ ١٨٠)، "السنن الكبرى" للبيهقي (٧/ ١٨٣)، "منتقى الأخبار" مع "نيل الأوطار" (٦/ ١٧٠)، "جامع الترمذي" ص ٢٦٤.
(٢) انظر: "المهذب" للشيرازي (٢/ ٥٢)، "بداية المجتهد" (٢/ ٤٩)، "المغني" لابن قدامة (٦/ ٦٢٠ - ٦٢١).
(٣) هو يوسف بن رافع بن تميم الأسدي أبو المحاسن بهاء الدين، ابن شداد. مؤرخ من كبار قضاة الشافعية وهو شيخ المؤرخ ابن خلكان. من مصنفاته: "دلائل الأحكام" في الحديث "الموجز الباهر" في الفروع "ملجأ الحكام عند التباس الأحكام" في القضاء، توفي سنة ٦٣٢ هـ.
(٤) مخطوطة الأحمدية في مكتبة أوقاف حلب (ق ٢٣٤).
(٥) راجع: "الهداية" مع "فتح القدير" (٢/ ٥١٦)، "بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>