للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد عني علماؤنا بعرض الأمثلة العبارة النص، وقرروا عدم التفريق بين المقصود من السياق أصالة والمقصود منه تبعًا، وبيّنوا كيف أن النص إذا ورد، ودلّ باللفظ نفسه على حكمٍ - كان هو المقصود أصالة من ورود النص - ثم دلّ معه على حكم لم يكن مقصودًا أصالة من الورود وإنما جاء تبعًا: كانت الدلالة على الحكم الأول وعلى الحكم الثاني: دلالة عبارة.

١ - فمن أمثلة العبارة قوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣].

فإن هذا النص يدل على عدد من الأحكام هي:

أ - إباحة الزواج.

ب - وإباحته بأكثر من واحدة ممن حلّ من النساء - في حدود الأربع - مع الاطمئنان إلى إمكان العدل وعدم الخوف من الجور، وظلم الزوجات.

ج - وأخيرًا وجوب الاقتصار على زوجة واحدة، إذا خيف عدم العدل عند التعدد.

وكل هذه الأحكام: معانٍ دلّ عليها هذا النص القرآني، وهي مستفادة من الألفاظ نفسِها والعبارات بشكل واضح.

فقوله تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ دلّ على إباحة الزواج.

وقوله: ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ دلّ على إباحة التعدد في حدود أربع زوجات.

أما وجوب الاقتصار على زوجة واحدة عند خوف الجور: فدلّ عليه قوله سبحانه: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾.

غير أن هذه الأحكام المذكورة ليست كلُّها على صعيد السوق أصالة؛ بل إن الحُكمين: إباحة الأربع، ووجوب الاقتصار على الواحدة عند خوف الجور، هما المقصودان أصالة من السوق.

أما الحكم الأول - وهو إباحة الزواج - فمقصود تبعًا، كما علم ذلك من

<<  <  ج: ص:  >  >>