للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن مقصود الكلام ونظام المعنى - كما قال: فلكم نكاح أربع، فإن لم تعدلوا فثلاث، فإن لم تعدلوا فاثنتين، فإن لم تعدلوا فواحدة، فنقَل العاجز عن هذه الرتب إلى منتهى قدرته - وهي الواحدة من ابتداء الحل - وهي الأربع.

قال ابن العربي: (ولو كان المراد تسعَ نسوة لكان تقدير الكلام: فانكحوا تسع نسوة، فإن لم تعدلوا فواحدة. وهذا من ركيك البيان الذي لا يليق بالقرآن، لا سيما وقد ثبت من رواية أبي داود والدارقطني وغيرهم أن النبي قال لغيلان الثقفي حين أسلم وتحته عشر نسوة: "اختر منهن أربعًا وفارق سائرهن") (١).

وأخذًا من عبارة النص في الآية وحديث غيلان قال الإمام ابن حزم: بعد أن قرر أنه لا يحِل لأحد أن يتزوج أكثر من أربع نسوة: (وأيضًا فلم يختلف في أنه لا يحل لأحد من أهل الإسلام زواج أكثر من أربع نسوة، وخالف في ذلك قوم من الروافض لا يصح لهم عقد الإسلام) (٢).

٢ - ومن دلالة العبارة أيضًا قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥] فإن مدلول الآية ظاهر في حكمين كل منهما مقصود من سياق النص: أما الأول: فهو حل البيع وحرمة الربا.

وأما الثاني: فهو التفرقة بين البيع والربا، ونفي المماثلة بينهما؛ فالأول حلال، والثاني حرام.

غير أن الحكم الثاني - وهو نفي التماثل - مقصود أصالة من السياق؛ لأن الآية سيقت للرد على الذين قالوا: إنما البيع مثل الربا.


(١) راجع "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٣١٢ - ٣١٣)، ونسب القرطبي (٥/ ١٧) إلى بعض أهل الظاهر القول بإباحة الجمع بين ثمان عشرة تمسكًا منه بأن العدد في تلك الصيغ يفيد التكرار والواو للجمع. وهذا - كما قال القرطبي - جهل باللسان والسنّة وإجماع الأمة.
(٢) انظر: "المحلى" (٩/ ٤٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>