للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفاوت عند التعارض، لأن الأول سيق الكلام من أجله، والثاني لم يُسَق من أجله - كما سيأتي - وذلك ما كشف عنه شمس الأئمة السرخسي، حين قرر أن الثابت بالإشارة والعبارة، كل واحد منهما يكون ثابتًا بالنص، وإن كان التعارض قد يظهر التفاوت بين الحكمين (١).

١ - ومن أمثلة الدلالة بالإشارة قوله تعالى: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٧) لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (٨)[الحشر].

فإن قوله تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ. . .﴾ الآية، يدل بعبارته على استحقاق نصيب من الفيء - وهو ما يأخذه المسلمون من العدو بلا قتال - للفقراء المهاجرين، لأن الآية سيقت لبيان هذا الحكم كما ورد في قوله جلّ وعلا: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾.

ودلّ هذا النص بالإشارة على زوال ملكيته عما خلّفوا بمكة لاستيلاء الكفار عليها، فإن الله تعالى سمّاهم فقراء مع إضافة الديار والأموال إليهم، قال شمس الأئمة: (والفقير حقيقة مَن لا يملك المال، لا من بعدت يده عن المال. . . وهذا حكم ثابت لصيغة الكلام من غير زيادة ولا نقصان، فعرفنا أنه ثابت بإشارة النص) (٢).

وهكذا كانت دلالة هذا النص (للفقراء المهاجرين. .) على زوال ملكية المهاجرين لأموالهم وعقاراتهم التي خلّفوها بمكة - لأنه لا سلطان لهم عليها - دلالة بإشارة النص، إذ يلزم من إضافة الديار والأموال إليهم، أن


(١) انظر: "أصول السرخسي" (١/ ٢٣٦).
(٢) راجع: "تقويم الأدلة" (ص ٢٣٢) "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" (١/ ٦٩ - ٧٠) "أصول السرخسي" (١/ ٢٣٦) "كشف الأسرار شرح المصنف على المنارة" (١/ ٢٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>