للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهب الشافعية إلى أنه بيان تفسير.

وذهب الحنفية إلى أنه بيان تغيير.

ومرد هذا الاختلاف: الحكم على دلالة العام على أفراده التي يشملها قبل التخصيص؛ هل هي دلالة قطعية، أو ظنية؟ فهي دلالة ظنية عند الشافعية - كما سيأتي في حينه - وقطعية عند الحنفية.

وبناء على ذلك: كان التخصيص: بيانَ تفسير عند الشافعية؛ لأنه يفسر موجَب العام، ويوضح أنه يوجب الحكم في بعض الأفراد التي يشملها العام فقط.

وكان بيانَ تغيير عند الحنفية؛ لأن التخصيص ينزل بدلالة العام من القطعية إلى الظنية، إذ إن من المتفق عليه: أن العام بعد التخصيص، يصبح ظنيَّ الدلالة (١).

هذا: وقد عدّ البزدوي والسرخسي وغيرهما من (بيان التفسير) في مسائل الفقه: قول الرجل لامرأته: أنت بائن، أو أنت عليّ حرام، أو غير ذلك من الكنايات ثم قوله: عنيت به الطلاق، فإن قوله: (عنيت به الطلاق) يكون بيان تفسير، ذلك لأن البينونة والحرمة مشتركة محتملة المعاني؛ فإذا قال: عنيت بهذا الكلام الطلاقَ، فقد رفع الإبهام، فكان بيان تفسير، ثم بعد التفسير يجب العمل بأصل الكلام فتقع البينونة والحرمة.

ومن بيان التفسير أيضًا ما إذا قال: لفلان عليّ ألف درهم - وفي البلد نقود مختلفة - كان (مشكلًا) لدخول المبلغ المقر به في أشكاله من النقود، فإذا قال: عنيت به نقد كذا: زال الإشكال، وصار هذا الكلام تفسيرًا له. قال السرخسي: (وسائر الكنايات في الطلاق والعناق على هذا أيضًا) (٢).


(١) راجع فيما يأتي: "مباحث العام ودلالته ومخصصاته" عند العلماء، وانظر: "مرآة الأصول على المرقاة" لمنلا خسرو وحاشية الإزميري (٢/ ١٢٦).
(٢) انظر: "أصول السرخسي" (٢/ ٢٨)، "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (٣/ ٨٢٧)، "المرقاة" مع "المرآة" لمنلا خسرو مع حاشية الإزميري (٢/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>