للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتحقق أن تركها للصيام والصلاة يستغرق نصف عمرها الذي جاء الحديث على ذكره.

وهكذا يقع التعارض بين الحكم الثابت بالعبارة: وهو أن أكثر الحيض عشرة أيام كما هو مذهب الحنفية، وبين الحكم الثابت بالإشارة: وهو أن أكثره خمسة عشر يومًا، كما هو مذهب الشافعي.

وفي المعارضة يقدم الأقوى؛ فيؤخذ بالحكم الثابت بعبارة النص دون الثابت بإشارة النص.

وتكون النتيجة لذلك: أن بين أيدينا نصًا دلّ بعبارته على أن أكثر مدة الحيض عشرة أيام، أخذ به الحنفية. ونصًا آخر دلّ بإشارته على أن المدة أكثرها خمسة عشر يومًا، أخذ به الشافعي، فتُعَدُّ أكثر مدة الحيض عشرة أيام، أخذًا بمدلول العبارة.

رأينا في المثال:

غير أن هنالك ما يدعو للقول بأن هذا التمثيل غير صحيح:

أ - فالحديث الثاني: وهو حديث الشطر، لم يصح وروده بهذا اللفظ وقد ذكر البيهقي أنه لم يجده في شيء من كتب الحديث. وقال ابن الجوزي: (١) هذا الحديث لا يعرف، وقال النووي: إنه باطل (٢).

والصحيح فيه ما رواه البخاري ومسلم - واللفظ للبخاري - عن أبي سعيد


(١) هو عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي أبو الفرج، علّامة عصره في التاريخ والحديث والتفسير، نسبته إلى مشرعة الجوز من محل بغداد، ذكر العلماء أن له حوالي ثلاثمائة مصنف منها: "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" مطبوع ستة أجزاء منه، "مناقب عمر بن عبد العزيز"، وكتاب "الضعفاء والمتروكين" في رجال الحديث، و"نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر"، و "زاد المسير" في التفسير، و"الموضوعات" في الحديث. توفي بغداد سنة ٥٩٧ هـ.
(٢) راجع: "فتح القدير" (١/ ١١٣) "المنار" و "شرحه" لابن ملك مع "حاشية الرهاوي" (١/ ٥٢٥)، "المرقاة" مع "المرآة" (٢/ ٧٧ - ٧٨) زكي الدين شعبان في "دلالة الكتاب والسنة على الأحكام الشرعية" (ص ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>