للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقول هذا: لأن الحديث لا يقوى على الوقوف في مقابلة الكتاب فيخصص عامه، ويقيد مطلقه عند الحنفية إلا إذا كان متواترًا أو مشهورًا؛ فحين يراد تقديم حديث: (حسن الصحابة) "عبارة" على الآية "إشارة" يجب إثبات أن هذا الحديث من المشهور.

٣ - هذا: ومما مثّل به كثير من الأصوليين (١) للتعارض بين عبارة النص وإشارة النص، ما روي عن أبي أُمامة الباهلي (٢) أن النبي قال: "أقل الحيض للجارية البكر والثيب ثلاثة أيام ولياليها وأكثره عشرة أيام" (٣) مع ما روي أنه قال في النساء: "إنهن ناقصات عقل ودين" فقيل: ما نقصان دينهن؟ فقال : "تقعد إحداهن شطر عمرها لا تصوم ولا تصلي".

قالوا: إن هذا الحديث، وإن كان مسوقًا لمسألة نقص العقل والدين في المرأة، إلا أن دلالة الإشارة فيه تعطي أن مدة الحيض خمسة عشر يومًا - كما هو مذهب الشافعي - لأن ما تقع فيه المرأة من ترك الصلاة والصوم شطر دهرها، إنما كان بسبب ما يعرض لها من الحيض في كل شهر، والشطر (٤) هو النصف فيلزم من هذا أن مدة الحيض خمسة عشر يومًا حتى


(١) انظر مثلًا: "المنار" للنسفي مع "شرحه" لابن ملك وحاشيتَيْ الرهاوي وعزمي زاده (١/ ٢٢٥).
(٢) هو الصحابي صُدَي (بالتصغير) بن عجلان الباهلي أبو أمامة، مشهور بكنيته وروى عن النبي وعن عمر وعثمان وعلي وأبي عبيدة وعدد غيرهم. قال ابن حبان: كان مع علي في صفين، توفي سنة ٨٦ هـ.
(٣) أخرجه الطبراني (٧٥٨٦) والدارقطني (٨٤٦) وانظر: "نصب الراية" للزيلعي (١/ ١٩١)، "التعليق المغني على الدارقطني" (١/ ٤٠٥ - ٤٠٦).
(٤) هذا وممن اعتبر حجة الشافعي فيما ذهب إليه قائمة على دلالة الإشارة من حديث الشطر المدعى: صاحب "منهاج الوصول" من الزيدية، فلم يعرض لنقد رواية الحديث، وإنما ادعى فقط أن إشارة الحديث هي حجة الشافعي على ما ذهب إليه، ورأى أنها ليست بالواضحة، إذ الشطر ليس بموضوع للنصف فقط، بل للبعض، وإن زاد على النصف أو نقص عنه بدليل قوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ (البقرة: ١٤٤ و ١٤٩ و ١٥٠) وقوله : "الوضوء شطر الإيمان" ولم يرد أنه نصف باتفاق "منهاج الوصول" (ق ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>