للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - هذا وقد ضرب شمس الأئمة السرخسي لدلالة النص أمثلة من السنّة، قرر أن الأحكام فيها أُخذت من النصوص بطريق دلالة النص لا بطريق القياس.

- كان من ذلك ما روي "أن ماعزًا (١) زنى - وهو محصن - فرُجم" (٢) فقد رُجم ماعز لأنه زنى وقد أُحصن، لا لأنه ماعز.

قال شمس الأئمة: (وقد علمنا أنه ما رجم ماعز، إلا لأنه زنى في حالة الإحصان. فإذا ثبت هذا الحكم في غيره كان ثابتًا بدلالة النص لا بالقياس.

وهكذا يرى شمس الأئمة أن النص على أن ماعزًا المحصن زنى فرُجم؛ كما تناول ماعزًا بعبارته، فهو يتناول أي إنسان يتوفر فيه المعنى الذي من أجله رُجم ماعز. وهو معنًى يرى السرخسي أنه يدرك بمجرد المعرفة باللغة ولا يحتاج إلى اجتهاد أو استنباط (٣).


(١) هو ماعز بن مالك الأسلمي، قال ابن حبان: له صحبة. وهو الذي رُجم - كما في "الصحيحين" وغيرهما - في عهد النبي ، وفي بعض طرق حديثه أن النبي قال: "لقد تاب توبة لو تابها طائفة من أمتي لأجزأت عنهم" وفي "صحيح أبي عوانة" و "ابن حبان " وغيرهما عن جابر أن النبي لما رجم ماعز بن مالك قال: "لقد رأيته يتحصص في أنهار الجنة".
(٢) قصة ماعز رواها - عن عدد من الصحابة: كابن عباس وأبي هريرة وزيد بن خالد وغيرهم - الإمام أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن حبان وأبو عوانة بروايات متعددة وألفاظ مختلفة، واتفق الشيخان على إحدى الروايات دون تسمية صاحب القصة. وفي رواية لأبي داود عن ابن عباس قال: جاء ماعز بن مالك إلى النبي فاعترف بالزنا مرتين فطرده، ثم جاء فاعترف بالزنى مرتين فقال: "شهدتَ على نفسك أربع مرات، اذهبوا به فارجموه".
وفي رواية له أيضًا عن يزيد بن نعيم بن هزال قال لرسول : "إنك قد قلتَها أربع مرات فيمن ...... ".
انظر: "معالم السنن" للخطابي (٣/ ٣١٧) "فتح الباري" مع "الجامع الصحيح" لابن حجر (١٢/ ١٨٠) طبعة الخشاب، "تخريج الفروع على الأصول" للزنجاني بتحقيق المؤلف (ص ١٨١ - ١٨٢).
(٣) انظر: "أصول السرخسي" (١/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>