للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم، فمن كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار" (١).

وروي عن جندب أن رسول الله قال: "مَن قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ" (٢) وقد ورد عن أبي بكر الصدّيق قوله: "أي أرض تُقِلُّني وأي سماء تُظِلُّني إذا قلت في القرآن برأيي" (٣).

وكان جماع ما ذهب إليه الأكثرون من سلف هذه الأمة وخلفها - على تنوُّع السبل التي أُثرت عنهم في ذلك -: حمل هذه النصوص على التفسير الذي يخرج عن سَنن الشريعة في كتابها وسنتها ولسانها.

فهذا إمام المفسرين أبو جعفر الطبري (٤) يرى أن ذم التفسير بالرأي


= الحبر والبحر لكثرة علمه، وقد دعا له رسول الله بقوله: "اللهم فقّهه في الدين وعلِّمه التأويل"، وقد انتهت إليه الرياسة في الفتوى والتفسير، وكان أكثر الصحابة فتيا، وهو أحد العبادلة الأربعة، وأحد الستة المكثرين لرواية الحديث، وقد شهد كبار الصحابة والتابعين بعلمه ومعرفته. قال ابن مسعود: نِعم ترجمان القرآن ابن عباس. وكان ابن عمر يقول: (ابن عباس أعلم أمة محمد بما أُنزل على محمد). وعلى ابن عباس يدور علم أهل مكة في التفسير والفقه، توفي بالطائف سنة ٦٨ هـ عن واحد وسبعين عامًا.
(١) رواه ابن جرير الطبري، وقد أخرجه الترمذي والنسائي وأبو داود، وقال الترمذي: حديث حسن. وانظر: "جامع الأصول" لابن الأثير الجزري (٤٧٠). هذا وقد جاء الحديث بروايات متعددة كلها تدور على عبد الأعلى بن كثير (١/ ٥١) وانظر: تحقيق الشيخ أحمد شاكر في "تفسير الطبري" (١/ ٧٧) و (يتبوأ) أي ينزل ويحل.
(٢) أخرجه ابن جرير الطبري (١/ ٧٩)، قال ابن كثير بعد نقل الخبر عن أبي جعفر: كما أخرجه أبو داود (٣٦٥٢) والترمذي (٢٩٥٢) والنسائي من حديث سهيل بن أبي حزم القطيعي كما قال المنذري، وقال الترمذي: (غريب، وقد تكلم بعض أهل العلم في سهيل).
راجع: "تفسير الطبري" (١/ ٧٩)، "تفسير ابن كثير" (١/ ٥١) وانظر "تفسير القرطبي" (١/ ٢٧).
(٣) انظر: "تفسير القرطبي" (١/ ٧٨) "تفسير ابن كثير" (١/ ٥) و (نقلني) أي تحملني. أقل الشيء واستقله: رفعه وحمله. وقد ورد مثل الذي قاله أبو بكر عن عدد من الصحابة والتابعين، "تفسير القرطبي" (١/ ٢٩) فما بعدها، "مقدمة في أصول التفسير" لابن تيمية (ص ٢٦).
(٤) هو محمد بن جرير بن يزيد، أبو جعفر، إمام المفسرين والمؤرخين - المجتهد - =

<<  <  ج: ص:  >  >>