للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمول على ما كان من تأويل نصوص الكتاب، بما لا يدرَك علمُه إلا بنص بيان من رسول الله ، أو بدلالة قد نصَّها دالةٍ أمته على تأويله. وذلك كما في تفصيل مجمله، ووظائف حقوقه وحدوده، ومبالغ فرائضه ومقادير اللازم بعض خلقه، وما أشبه ذلك من أحكام آي الكتاب التي لم يدرك علمها إلا ببيان رسول الله لأمته.

فقد أتى أبو جعفر بالآثار الواردة في النهي عن القول في القرآن بالرأي، وبعد أن أوضح حَمْلَ ذلك على القول فيما لا يدرك علمه إلا ببيان من الرسول صلوات الله وسلامه عليه قال: (بل القائل في ذلك برأيه - وإن أصاب الحق فيه - فمخطئ فيما كان من فعلٍ يقبله فيه برأيه لأن إصابته ليست إصابة موقن أنه محق، وإنما هو إصابة خارص وظان. والقائل في دين الله بالظن قائل على الله ما لم يعلم).

قال أبو جعفر (وقد حرّم الله جلّ ثناؤه ذلك في كتابه على عباده فقال: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)[الأعراف] (١).

وإذن: فما كان وراء ذلك، فجائز القول فيه بالرأي، ولا يدخل في نطاق المحظور المنهي عنه.

وجاء الغزالي المتوفى سنة ٥٠٥ هـ فزاد الأمر وضوحًا، حين قرر أن التفسير بالرأي جائز إلا في موضعين:

الموضع الأول: أن يكون التفسير بالهوى، أو بأن يكون للمفسِّر في موضوع الآية رأي معين، وله ميل إليه بطبعه، فيتأول النص القرآني على


= اللغوي، الثقة. ولد في آمل طبرستان. واستوطن بغداد وتوفي بها. ومن مصنفاته: تفسيره العظيم المسمى "جامع البيان عن تأويل أي القرآن"، "أخبار الرسل والملوك" ويعرف بـ "تاريخ الطبري"، "القراءات" وغيرها. توفي سنة ٣١٠ هـ.
(١) انظر: "تفسير الطبري" (١/ ٧٨ - ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>