للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط الرابع: ألّا يكون ذكر القيد في النص قد خرج مخرج الغالب (١).

أ - وذلك كما في قوله تعالى حين جاء على ذكر المحرمات من النساء [الآية: ٢٣]: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾.

فإن الغالب كون الربائب في حجور أزواج أُمهاتهن؛ فقيّد به لذلك، لا لأن حكم اللاتي لسن في الحجور بخلافه، فيكون الزواج بهن حلالًا؛ فذكر ﴿اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ تأكيد للوصف لا شرط للحكم، إذ من المجمع عليه أن زواج الرجل بربيبته من زوجته المدخول بها حرام، لم يخرج عن ذلك إلا ابن حزم ومَن معه من الظاهرية سيرًا مع ما يرونه الظاهر (٢).

وذلك قول ابن العربي: (وهي - يعني الربيبة - محرّمة بإجماع الأمة سواء كانت في حجر الرجل أو في حجر حاضنتها غير أمها، وتبين بهذا أن قوله تعالى: ﴿اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ تأكيد للوصف وليس بشرط في الحكم) (٣).

ب - ومثله قول الله جلّ وعلا في معرض الطلاق في مقابل عوض: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ (٤).

وذلك أن الخلع إنما يكون عند خوف أن لا يقوم كل من الزوجين بما أمر الله، فتفتدي الزوجة نفسها بمال تعطيه الزوج نظير تطليقها.

فلا يؤخذ من النص عن طريق مفهوم المخالفة: أنه لا يجوز الخلع عند عدم الخوف. جاء في "فتح القدير" لابن الهمام: (وهذا الشرط - يعني ما جاء في الآية - خرج مخرج الغالب إذ الباعث على الاختلاع غالبًا ذلك،


(١) كان من الممكن أن يندرج هذا الشرط تحت مفردات الشرط الثاني، ولكن سرنا على طريقة ابن الحاجب في إفراده بالكلام، لما له من أهمية في الاختلاف. انظر: "مختصر المنتهى" مع شرحه للعضد وحاشية السعد (٢/ ١٧٣) فما بعدها، "المحلى على جمع الجوامع" (١/ ٢٤٧).
(٢) ويرويه بعضهم قولًا لعلي بن أبي طالب .
(٣) راجع: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٣٧٨)، "المحلى" لابن حزم (٩/ ٥٢٧) فما بعدها.
(٤) جزء من الآية/ ٢٢٩/ في سورة البقرة وهي قوله تعالى: (﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٢٩)﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>