للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب - وقال سبحانه: ﴿وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا﴾ [النحل: ١٤] فتقييد اللحم بكونه طريًا، لا يمنع أكل ما ليس بطري؛ لأن الوصف إنما قُصد به امتنان الله على عباده بهذه النعمة.

ج - وجاء في الحديث الشريف قول النبي : "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحُدَّ على ميت فوق ثلاث إلا على زوج" (١).

فإن التقييد بوصف المرأة بالإيمان بالله واليوم الآخر في هذا النص: إنما قصد منه التفخيم وتأكيد الحال للحث على امتثال ما يأمر به الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه، إذ الإيمان بالله واليوم الآخر مدعاة لامتثال الأوامر واجتناب النواهي، وعلى هذا لا يتحقق المفهوم المخالف هنا، ليستدل به على إباحة إحداد المرأة على غير زوجها أكثر من المدة المذكورة في الحديث، إذا كانت لا تؤمن بالله واليوم الآخر.

الشرط الثالث: أن يكون الكلام الذي ذُكر فيه القيد مستقلًا، فلو ذُكر على وجه التبعية لشيء آخر، فلا مفهوم له (٢).

وذلك كقوله تعالى في شأن مباشرة النساء: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧].

فإن تقييد الاعتكاف بكونه في المساجد لا يتحقق فيه مفهوم المخالفة، فيكون الاعتكاف بغير المسجد غير مانع من المباشرة؛ لأن الاعتكاف واقعيًا لا يكون إلا في المسجد، فامتنع أن يكون لهذا التقييد أيُّ مفهوم (٣).


(١) أخرجه أحمد والأئمة السنة من رواية أم حبيبة، إلا ابن ماجه فمن رواية حفصة . "مسند أحمد" (٢٧٩٤٢)، البخاري (١٢٨٠) مسلم (١٤٨٦)، أبو داود (٢٢٩٩)، الترمذي (١١٩٥)، النسائي (٣٥٠٠)، ابن ماجه (٢٠٨٤).
(٢) راجع: "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص ١٦٧ - ١٦٨).
(٣) راجع: "المهذب للشيرازي" (١/ ١٩٤) "معالم السنن" للخطابي (٢/ ١٤٢)، "الهداية" مع "فتح القدير والعناية" (٢/ ١١٣)، "الزيلعي على الكنز" (١/ ٣٥٢) مع حاشية الشلبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>