للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيّد ذلك صاحب "التقرير والتحبير" (١) بما نقل عن شمس الأئمة الكردري (٢) أن خصيص الشيء بالذكر، لا يدل على نفي الحكم عما عداه في خطابات الشارع، فأما في متفاهم الناس وعرفهم، وفي المعاملات والعقليات: فإنه يدل (٣).

وهكذا يكون المتكلمون ومتأخرو الحنفية، متفقين على القول بمفهوم المخالفة في كلام الناس ومصطلحاتهم، فالفقهاء مثلًا يقصدون بذكر الحكم في المنطوق نفيَه عن المفهوم غالبًا، كقولهم: تجب الجمعة على كل ذكر حر بالغ عاقل مقيم؛ فإنهم يريدون بهذه الصفات نفيَ الوجوب عن مخالفها، ويستدل به الفقيه على نفي الوجوب على المرأة والعبد والصبي. . إلخ (٤).


(١) هو محمد بن محمد بن محمد بن الحسن المعروف بابن أمير الحاج الحلبي، كان من مشاهير علماء الحنفية في حلب، له عدد من المصنفات منها: "التقرير والتحبير شرح التحرير" لابن الهمام. توفي بحلب سنة ٨٧٩ هـ.
(٢) هو عبد الغفور بن لقمان بن محمد تاج الدين، أبو المفاخر الكردري نسبة إلى كردر (قرية بخوارزم). تولى قضاء حلب وكان من أعلام الحنفية، من مصنفاته: "شرح الجامع الصغير" و "شرح الجامع الكبير" في الفقه و "حيرة الفقهاء" جمع فيه ما يَحار في حلِّه العلماء.
(٣) راجع: "التقرير والتحبير شرح التحرير" (١/ ١١٧).
(٤) على أن ابن عابدين ذكر في "رد المحتار" بعد أن نقل عن العلامة قاسم أن المفهوم غير معتبر في النصوص: أنه (قد يقال: إن مراده بقوله في المفهوم: أنه لا يعتبر مفهومه، كما لا يعتبر في نصوص الشارع، وفي البيري: نحن لا نقول بالمفهوم، كما هو مقرر، ونصّ عليه الخصاف وأفتى به العلامة قاسم، وقال ابن عابدين: (وبه صرّح في الخيرية أيضًا، أي فإذا قال: وقفت على أولادي الذكور: يصرف إلى الذكور منهم بحكم المنطوق، وأما الإناث فلا يعطى لهن، لعدم ما يدل على الإعطاء إلا إذا دلّ في كلامه دليل على إعطائهن ابتداء لا يحكم المعارضة، لكن نقل البيري في محل آخر عن "المصفى"، و "خزانة الروايات" و "السراجية": أن تخصيص الشيء بالذكر يدل على نفي ما عداه في متفاهم الناس وفي الروايات) ثم أيّد ابن عابدين ذلك بكلام ابن أمير الحاج الذي أثبتناه، ثم قال: (فعُلم أن المتأخرين على اعتبار المفهوم في غير النصوص الشرعية). انظر: "رد المحتار على الدر" (٣/ ٤١٦، ١/ ٧٥)، رسالة "رسم المفتي" لابن عابدين (ص ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>