للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترطها المبتاع" (١).

وقد اتسع مدى الاختلاف بين العلماء في حجية مفهوم الصفة الذي هو من أهم أنواع مفهوم المخالفة. وأبرز الأقوال فيه ثلاثة:

الأول: أنه حجة يعتبر طريقًا من طرق الدلالة على الحكم، فإذا قُيد حكمٌ ما بصفة، دلّ ذلك على نفي الحكم عما عدا المتصف بهذه الصفة، وإليه ذهب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل والأشعري وجماعة من المتكلمين، وأبو عبيد القاسم بن سلَّام وجماعة من أهل العربية (٢).

الثاني: أنه ليس بحجة، فلا يعتبر طريقًا من طرق الدلالة على الحكم؛ فإذا قيد الحكم بصفة، لم يدل ذلك على نفي ذلك الحكم عما عدا المتصف بتلك الصفة، وإذا حصل وانتفى الحكم في هذه الحال، فإنما ذلك لدليل آخر. وإليه ذهب الحنفية - كما سلف - والمالكية والغزالي والآمدي من الشافعية (٣)، وكذا الشيعة الإمامية (٤) والزيدية (٥)، ووافقهم من أئمة اللغة: الأخفش (٦)، وابن فارس، وابن جنّي (٧).

الثالث: أنه حجة في حال وليس حجة في أخرى: فهو حجة إذا كان الوصف مناسبًا للحكم كما في قوله : "في سائمة الغنم زكاة".

فإن التقييد بالسوم وهو الرعي في الكلأ المباح دون إرهاق صاحب


(١) انظر ما سلف (ص ٤٩١).
(٢) راجع: "الإحكام" للآمدي (٣/ ١٠٣)، "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص ١٦٨).
(٣) راجع: "الإحكام" للآمدي (٣/ ١٠٣) فما بعدها.
(٤) انظر: "تهذيب الوصول" لابن المطهر الحلي (ص ٢٣ - ٢٤)، "منية اللبيب شرح التهذيب" للحسني (١٠٥ - ١٠٧).
(٥) راجع: "منهاج الوصول إلى شرح معيار العقول" في أصول الزيدية (ق ٤٦) فما بعدها.
(٦) هو سعيد بن مسعدة المجاشعي بالولاء، أبو الحسن المعروف بالأخفش الأوسط، من أهل بلخ، وسكن البصرة، نحوي عالم باللغة والأدب. أخذ العربية عن سيبويه، وهو الذي زاد في العروض بحر الخبب. من مصنفاته: "تفسير معاني القرآن" و "الاشتقاق" و "معاني الشعر". توفي سنة ٢١٥ هـ.
(٧) هو عثمان بن جني الموصلي، أبو الفتح. من أئمة الأدب والنحو، له كثير من المصنفات منها: "الخصائص في اللغة"، "التنبيه" في شرح ديوان الحماسة وكان المتنبي يقول: ابن جني أعرف بشعري مني. توفي ببغداد سنة ٣٩٢ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>