للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مؤبَّرًا - يدخل في بيع النخل عند بيعه، ويصبح على ملك المشتري؛ لأن بقاءه على ملك البائع جاء في النص مقيّدًا بوصف تأبير النخل، وما دامت الصفة قد انتفت: فالحكم في المسكوت يكون مخالفًا لما دلّ عليه المنطوق.

وإلى هذا القول ذهب جمهور العلماء (١). وقد أوضح ابن قدامة أخذ الجمهور بمفهوم الحديث، وأن الحكم أخذ من هذا المفهوم، حين قرر أن الحديث جعل التأبير حدًا لملك البائع للثمرة، فيكون ما قَبْلَه للمشتري وإلا لم يكن حدًّا، ولا كان ذكر التأبير مفيدًا (٢).

وذهب أبو حنيفة إلى أن ثمر النخل لا يدخل في بيعه، سواء أكان مؤبرًا أم غير مؤبر، وذلك بناء على عدم الأخذ بمفهوم الصفة، فقيد التأبير في الحديث، لا يدل على نفي الحكم عند عدمه، وإذا كان النص قد دلّ على حكم الثمر المؤبَّر: فإن الثمر الذي لم يؤبَّر مسكوت عنه.

ولقد قرر الحنفية أن الثمر لا يدخل في بيع النخل، إلا إذا اشتمل العقد على التصريح بدخوله فيه، أو اشترط المشتري أن يكون هذا الثمر له، وبنوا ذلك على قياس الثمر على الزرع في أرض مبيعة، من حيث عدم دخول الزرع في بيع الأرض متصلًا بالأرض، ولكن اتصاله للقطع لا للبقاء، والثمرُ مثله في ذلك، فيأخذ الثاني حكم الأول قياسًا: لاشتراكهما في علة واحدة، وهي أن اتصالهما بالأرض للقطع لا للبقاء (٣).


(١) راجع: "المهذب" للشيرازي (١/ ٢٧٩)، "المغني" مع "الشرح الكبير" (٥/ ١٩١)، "البدائع" (٥/ ١٦٤) "الهداية" مع "فتح القدير" (٥/ ٩٩)، "أسباب اختلاف الفقهاء" لأستاذنا الشيخ علي الخفيف (ص ١٥٢).
(٢) راجع: "المغني" مع "الشرح الكبير" (٤/ ١٩١).
(٣) ولقد أراد ابن الهمام أن يلزم الشافعية بهذا القياس، ويرتب عليه وجوب تقديمه على مفهوم الصفة في الحديث، لأنهم يقدمون القياس على المفهوم فقال: (والذي يلزم من الوجه القياس على الزرع … وهو قياس صحيح وهم يقدمون القياس على المفهوم إذا تعارضا، وحينئذ فيجب أن يحمل الإبار على الإثمار فعلّق به الحكم بقوله: "نخلًا مؤبرًا" يعني مثمرًا). انظر: "فتح القدير" (٥/ ٩٩ - ١٠٠)، وراجع: "نيل الأوطار" (٥/ ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>