للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - ففي الكتاب: كثير من النصوص التي تدعو إلى تدبُّر القرآن الكريم وتعقُّله وذلك للاستنارة بهديه والاعتبار بآياته، والعمل بأحكامه، والإفادة من إرشاده وعظاته.

قال الله جل ذكره: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أم عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)[محمد ]- أي بل على قلوب أقفالها - وقال تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٩)[ص].

ومعلوم أن تدبُّر القرآن الكريم - ليتسنى العمل به - لا يمكن بدون فهم معانيه.

وقال جلّ ثناؤه: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣)[الزخرف] وعقل الكلام متضمن لفهمه، ولا شك أن كل كلام؛ فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه، والقرآن الكريم لفظ ومعنى.

ومن هنا جاء القرآن الكريم على ذكر الاستنباط بقوله تعالى: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [النساء: ٨٣] وهذا واضح في الدلالة على أن في هذا الكتاب ما يستنبطه أهل المعرفة العلماء باجتهادهم وعلمهم، بحيث يُعملون عقولهم، ويستخدمون قوانين العلم والنظر، للوصول إلى تلك المعاني.

ومن هنا كانت الحقيقة الراسخة عند العلماء: أن البُعد عن التفسير ضمن حدود اللغة والشريعة: عدول عما تعبّدنا الله به من معرفة الكتاب بفهم آياته وتدبُّره واستنباط أحكامه (١).

قال أبو الحسن الماوردي (٢): (وقد حمل بعض المتورعة هذا الحديث - يعني: "من قال في القرآن برأيه. . ." - على ظاهره وامتنع من أن يستنبط


(١) راجع "البرهان في علوم القرآن" للزركشي (٢/ ١٦٢ - ١٦٣).
(٢) هو القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري المعروف بالماوردي، من وجوه فقهاء الشافعية وكبارهم، كان من العلماء الباحثين ومن أقضى قضاة عصره؛ والماوردي نسبة إلى ماء الورد. من تصانيفه: "الحاوي" في الفقه الشافعي نيف وعشرون جزءًا، "الأحكام السلطانية"، "أدب الدنيا والدين"، "أعلام النبوة"، "نصيحة الملوك والحكومات"، "معرفة الفضائل"، "الأمثال والحكم" وغير ذلك. توفي في بغداد ٤٥٠ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>