للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد كان من توفيق الله ما أقدرنيه - بجانب تحرير هذه المسائل - من الكشف عن مذهب ابن حزم في تحديد من هم الواقفية، ثم الحكم عليهم، وكيف أنه قد وسَّع دائرة التعميم حتى اتهم كثيرًا من مخالفيه بأنهم من الواقفية في العديد من المسائل، وأرجو أن أكون قد حرَّرت هذا الموضوع بما يزيل اللبس ويقف بالقارئ موقف الموضوعية والتجرد في الحكم.

وإذا غادرنا هذه الأمور: نرى ما كان من قواعد الأئمة واختلافهم في أمر التخصيص ومسائله، وانعكاس ذلك على الاختلاف في الأحكام والفروع، وهو باب عريض من أبواب الاستنباط ظهرت فيه مواقف الأئمة ونظراتهم البصيرة إلى النصوص، وأي الأسباب صالح للتخصيص وأيها لا يصلح، الأمر الذي يسهِّل للباحث أن يرد الفروع إلى أصولها، ويسلم منازع الاختلاف في العديد من الفروع الفقهية عند العلماء.

هذا: وإن الاشتراك في الألفاظ كثير، والاشتراك ظاهرة في لغتنا الكريمة، وهو أمر وثيق الصلة بالاستنباط، ودلالات الخطاب عند العرب الذين جاءت نصوص الكتاب والسنّة على وفق ما يفهمون ويدركون من طبيعة لغتهم ودلالة الخطاب فيها.

ومباحث الخاص يعطيها علماؤنا قدرًا كبيرًا من العناية، حتى إن الكثير منهم يجعلها في مقدمة موضوعات الأصول وهي تشمل - فيما تشمل - قواعد الاستنباط في حالات الإطلاق، وفي حالات التقييد، لأن في النصوص المطلقَ والمقيدَ. ولقد واجه علماؤنا ذلك ورسموا الطريق لأخذ الحكم من خلاله، وإن اختلفوا في العديد من القواعد.

ومن أبرز ما اشتملت عليه مباحث الخاص: "الأمر والنهي"، وإذا قلنا: "الأمر والنهي" فمعنى ذلك: البحثُ في صيغ التكليف التي مدار أكثرها على "افعل، لا تفعل".

والساحة التي تتحرك فيها صيغ التكليف ساحة بعيدة المدى متسعة الأرجاء، لما أن متعلقاتها كلُّ تلك النصوص التي تشتمل على ذلك الخطاب التكليفي في شؤون أحكام الشريعة في كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>