للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسلام. ولكل من الأمر والنهي دلالته المستقاة من طبيعة اللغة ومفهومات الشريعة، حتى إذا جاءت القرائن، كنت ملزمًا لأن تحكم بحسب هذه القرائن التي حفت بالنص. وبجانب ذلك ما أكثر الحالات التي تمليها طبيعة التكليف، وخطابه من خلال تلك الحالات، ولقد كان لعلمائنا القدح المعلى في وضع الضوابط لهذا كله، من أجل أن يسير الاستنباط على الخط الواضح المستنير.

وفي يقيني أن وقفات الباحث عند كثير من الأمور التي ألمحنا إليها، تحريرًا لموطن النزاع، أو ترجيحًا واختيارًا بالدليل لاتجاه دون آخر، أو استكمالًا للآثار المترتبة على الاختلاف وتعدد وجهات النظر بعد التنقيب في المخطوط والمطبوع من مصادرها الأصلية الأولى، وحسب التسلسل التاريخي: كل ذلك ضرورة تمليها أمانة المعرفة والتحقيق العلمي، خصوصًا في تلك القضايا المرتبطة بالحلال والحرام، ثم خروج المكلف من العهدة بأن يفعل أو لا يفعل.

ومن بعض ما يدل عليه ذلك - بجانب تفرد أمتنا بهذه المناهج - الدلالة على أن الفقه الذي رسم علماؤنا قواعد استنباط أحكامه من النصوص، كان معاناة واتباعًا للنص، وفهمًا يتسم بالأمانة والحرص على أن تكون النصوص متبوعة لا تابعة، ولم يكن نقلًا عشوائيًا دون تبصر وتمثُّل لأمانة الحرص على النص، والاجتهاد في فهمه إن وجد، وفيما وراء ذلك إن لم يوجد.

على أني - ولله الحمد والمنة - لم آل جهدًا في كشف مواقف الضعف التي جنح إليها بعض العلماء ، من استغراق في التقدير لأقوال المذهب في مقابل النص، حتى بدا النص وكأنه تابع لا متبوع، ثم في بيان غلو البعض في تطبيق القاعدة الأصولية، دون نظر إلى مكانة النص الذي يدور حوله الاختلاف من كونه مقبولًا أو مردودًا. وقد أشرت إلى ذلك أيضًا في خاتمة هذا الجزء - بحيث يمكن إنهاء الاختلاف، لو سبق ذلك - حين يتعلق الأمر بالسنة المطهرة - تحرير نص الحديث المختلف في شأنه عند الاستنباط منه والحكم بصلاحيته للاستنباط أو عدم صلاحيته لذلك.

وإنك واجد عند ابن حزم على جلالة قدره وكبر فضله - العديد

<<  <  ج: ص:  >  >>