للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل الكلام، لا يعفي من تحديد معالمه وبيان مداه والاهتمام بشأن الحكم عليه؛ لأنه يحمل بين ثناياه شديد الخطر على الشريعة فيما لو خرج إلى نصوص الأحكام. وأي حاجة بنا للوقف بعد بيان من قلده الله أمانة البيان، وإعطاء حرية الاجتهاد ضمن حدود الشريعة.

وأخيرًا إذا كان ابن حزم يرى في بعض المالكية، والحنفية، والشافعية من الفقهاء: قائلين بالوقف؛ فذلك وقف يراه هو، قد يكون ثمرة من ثمرات ظاهريته (١).

وما حاول أن يلزمهم فيه من بعض المسائل، كان لا غناء فيه؛ إذ إنه لم يُقم دليلًا واحدًا على تعطيلهم نصًا واحدًا من نصوص الأحكام في كتاب أو سنة (٢).

فهو ينسب إليهم القول بالوقف من حيث الاتجاه، ثم يتهمهم بالتناقض لأنهم لم يكونوا واقفية في الاستنباط من بعض النصوص، ففي كتابه "الإحكام" يأتي بجملة من نصوص الأحكام؛ كآية قطع السارق وآية جلد الزناة، وآية التحريم بالرضاع (٣)، وبعد بيان الأحكام التي أخذوها من هذه النصوص والتي لم يسلكوا فيها نهجه في الاستنباط: حكم عليهم بالتناقض، فقال: (تناقضوا في هذه الآيات بلا دليل فحملوا بعضها على العموم وبعضها على الخصوص، فتركوا قولهم بالوقف وحملوا على العموم ما قد صح الخصوص فيه) (٤).

وليت الإمام أبا محمد اكتفى بتهمة التناقض، بل نظمهم فيما بعد في سلك من جعلهم بمنزلة من قال: لما وجدت في الكلام كذبًا كثيرًا، فأنا أحمله كله على الكذب، ووجدت في الشريعة منسوخًا كثيرًا لا يحل العمل به، فأنا أحمله على أنه منسوخ، أو أقف عن العمل بجميعه (٥).


(١) انظر: "الإحكام" لابن حزم (٣/ ١٠٩) فما بعدها.
(٢) راجع: "الإحكام" (٣/ ١٠٩ - ١١١).
(٣) راجع: المصدر السابق (٣/ ١٠٩ - ١١٧) وما بعدها.
(٤) راجع: "الإحكام" لابن حزم (٣/ ١١١) فما بعد.
(٥) المصدر السابق: (٣/ ١١١ - ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>