للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للوصول إلى حكم شرعي من دليل تفصيلي من الأدلة التي يضعها الشارع للدلالة على الأحكام) (١).

ولم يترك علماؤنا الأمر بدون تحديد؛ فليس بذل الجهد أيًا كانت صورته: يكون اجتهادًا في عرف الأصول، بل لا بد لتمام ذلك، من أن يبلغ المجتهد - باستفراغ وسعه في طلب الحكم من الدليل -: حدًا يحس معه العجز من نفسه عن مزيد طلب لذلك الحكم، لأنه استنفد كل المسالك التي لا بد من سلوكها للوصول إلى معرفة ما أراد (٢).


= الأحكام من مآخذها) "التقرير والتحبير" لابن أمير الحاج، شرح "التحرير" للكمال ابن الهمام (٣/ ٢٩١)، وانظر: "المستصفى" للغزالي (٢/ ٣٥٠) "الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي (٤/ ٢١٨)، "مختصر المنتهى" لابن الحاجب مع شرحه للعضد وحاشية التفتازاني (٢/ ٢٨٩)، "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري، شرح "أصول البزدوي" (٤/ ١١٣٤) "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص ٣٥٠).
(١) الدليل التفصيلي هو الذي يتعلق بقضية مخصوصة، ويدل على حكم معين؛ وذلك كقوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٣] فهذا النص دليل تفصيلي، لأنه يتعلق بقضية مخصوصة، وهي أكل الميتة، ويدل على حكم معين، هو حرمة هذا الأكل. ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] فهو دليل تفصيلي يتعلق بزواج الأمهات، ويدل على حرمة هذا الزواج.
انظر: "أصول الفقه" للشيخ زكريا البرديسي (ص ٤٥٩)، "التشريع الجنائي الإسلامي" للعلامة عبد القادر عودة (١/ ٢٠٦).
هذا قد جرى بعض الأصوليين، على أن الاجتهاد (بذل الفقيه جهده لتحصيل ظن بحكم شرعي) يريدون بذلك أن ما يصل إليه الفقيه ما هو إلا ظن، أي إدراك الطرف الراجح. وانظر: "المدخل إلى فقه الإمام ابن حنبل" لعبد القادر بدران (ص ١٧٨).
(٢) راجع: "المستصفى" (٢/ ٣٥٠) حيث يقول الغزالي: (والاجتهاد التام أن يبذل الوسع في الطلب بحيث يحس من نفسه بالعجز عن مزيد طلب) قلت: ولعل لذلك ارتباطًا بالمعنى اللغوي، فالاجتهاد في اللغة بذل المجهود واستفراغ الوسع في فعل من الأفعال، ولا يستعمل - كما قالوا - إلا فيما فيه كلفة ومشقة. ولهذا لا يقال: اجتهد فلان في حمل خردلة، ومن هنا رأينا أبا الحسن الآمدي يذكر في صلب التعريف، بذل الوسع إلى غاية الإحساس بالعجز عن مزيد طلب، فيقول: (وأما في الاصطلاح فمخصوص - يعني الاجتهاد - باستفراغ الوسع في طلب الظن بشيء من الأحكام الشرعية على وجه يحسُّ من النفس العجز عن المزيد فيه) "الإحكام" للآمدي (٤/ ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>