للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧] وقوله: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥].

فالخطاب بالحج والصوم للعموم، ولكن العقل قد دل على إخراج من ليس أهلًا للتكليف كالصبي والمجنون، لاستحالة تكليف من لا يفهم (١).

هذا وقد ذكر العلماء أن هنالك من أنكر جواز التخصيص بالعقل. وكان ممن ردَّ عليهم مقالتهم هذه أبو الحسين البصري، وأبو حامد الغزالي.

أ - أما البصري: فقد رد عليهم بمسألة التكليف بالعبادة، ودخول الصبي والمجنون تحت الخطاب، أو عدم دخولهما. وذلك ما جاء في كتابه "المعتمد" من أنه يقال لهؤلاء: (أتعلمون بالعقل أن الله سبحانه لم يرد بقوله: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾ [البقرة: ٢١] المجانين والأطفال أم لا؟ فإن قالوا: نعلم ذلك لكنا لا نسميه تخصيصًا، خالفوا في الاسم ووافقوا في المعنى، وقيل لهم: ليس للتخصيص معنى إلا أن يخرج من الخطاب بعض ما تناوله من الأشخاص.

وإن قالوا بالثاني: فهو فاسد؛ لأن الصبي والمجنون لا يمكنهما فهم المراد، لا على جملة ولا على تفصيل، وإرادة الفهم ممن لا يتمكن منه: تكليف لما لا يطاق، وتعالى الله عن ذلك (٢).

ب - أما الغزالي: فقد كان في مسلكه أكثر وضوحًا، حين أورد على لسان المنكرين لاعتبار العقل مخصصًا إيرادين، وأجاب عنهما:

الإيراد الأول: أن المخصص يجب أن يكون متأخرًا والعقل سابق على أدلة السمع.


(١) راجع: "المعتمد" لأبي الحسين البصري، ج ١، مخطوطة معهد المخطوطات بالجامعة العربية (فيلم)، "جمع الجوامع" لابن السبكي مع "شرح المحلى" و"حاشية البناني" (٢/ ٢٤ - ٢٥).
(٢) راجع: "المعتمد" لأبي الحسين البصري، ج ١، فيلم معهد المخطوطات بالجامعة العربية.

<<  <  ج: ص:  >  >>