للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطريقة تكوين العرف القولي: أن يُتفق على هجر المعنى الأصلي للَّفظ، ونقلِ هذا اللفظ بواسطة الاستعمال الشائع المتكرر، إلى المعنى الثاني.

مثال ذلك: إطلاق الدرهم على النقد الغالب، مع أنه كان يطلق في الأصل على كل فرد من أفراد الدراهم (١).

وهذا النوع من العرف متفق على أنه يخصص العام: ففي قول الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥] البيع بالمعنى اللغوي هو المبادلة في المال وغيره، وبالمعنى الشرعي مبادلة المال بالمال؛ فحين يراد تفسير هذا النص: يؤخذ البيع على المعنى الذي هو في عرف الشارع، لا المعنى اللغوي، فيخصص به العموم. وفي شأن الدراهم قال العلماء: إذا ذكر لفظ الدراهم في عقد من العقود: ينصرف إلى النقد الغالي للبلد لا إلى كل فرد من أفراد تلك الدراهم، حملًا للفظ على معناه العرفي، فيخصص العام بالعرف (٢).

ب - أما العرف العملي: فهو ما تعارف عليه الناس وجرى عليه العمل عندهم، سواء أكان ذلك عامًا كاستصناع الأواني والأحذية، ودخول الحمام من غير تعيين زمن ولا أجرة، أو خاصًّا ببلد كتعارف أهل العراق إطلاق لفظ الدابة على الفرس، وكتعارف أهل البوادي على اعتبار الأنعام رأس المال عندهم. أو بملةٍ كجعل العيد الأسبوعي للمسلمين يوم الجمعة، وسبب هذا العرف هو التعامل (٣).


(١) "التقرير والتحبير" (١/ ٢٨٢ - ٢٨٣)، "نشر العرف" لابن عابدين، "العرف والعادة" لأبي سُنّة (ص ١٨ - ١٩).
(٢) "نهاية السول للإسنوي شرح منهاج الأصول للبيضاوي" (٢/ ٤٦٩ - ٤٧٠) مع تعليق الشيخ بخيت، "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٢٨٢)، "العرف والعادة في رأي الفقهاء" للشيخ أبي سُنّة (ص ٩١)، "المدخل" لأستاذنا الشيخ مصطفى الزرقا (٢/ ٨٨٢).
(٣) "رسالة نشر العرف" لابن عابدين من مجموعة الرسائل (٢/ ١١٥ - ١١٦)، "العرف والعادة" لأحمد فهمي أبو سُنّه (ص ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>