للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثنياتهم، علم أن هذا أمر بالإتمام، وإزالة النقص الذي أحدثته وثنيتهم. وإنما جاء لهذا بإيجاب الحج نصًا في قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧] (١).

كما أن اعتبار العرف في هذا المجال: يؤكد طابع الاتساع والشمول في هذه الشريعة والقدرة على مواصلة طريقها الإنساني مهما تطور الزمن (٢).

٤ - النص من الكتاب والسنة: سواء أكان واردًا بعد ذكر العام أي موصولًا به، أم منفصلًا عنه. وأمثلة ذلك كثيرة في القرآن والحديث.

أ - فمن تخصيص العام بنص مخصوص به، قوله تعالى في شأن الصيام: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥].

فإن قوله: ﴿فَمَنْ شَهِدَ﴾ عام في دلالته على وجوب الصيام على كل من ثبت له دخول شهر رمضان من المكلفين، وقد صُرف هذا العام عن عمومه، فخُص منه المريض والمسافر، فلهما أن يفطرا ويقضيا. وكان التخصيص بنص مستقل موصول بالعام في النزول وهو قوله جلَّ ثناؤه: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾.

ومن ذلك قول الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥].

فإن لفظ ﴿الْبَيْعَ﴾ في هذا النص عام يشمل كل ما يطلق عليه مبادلة مال بمال، والربا مبادلة مال بمال؛ فيدخل في عموم لفظ البيع، ولكن الربا خُص من هذا العموم بنص مستقل عن جملته، موصول به في النزول، وهو قوله تعالى: ﴿وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ فتبين من النصين أن البيع مصروف عن عمومه في شمول جميع الأفراد التي تنطوي تحته بالنسبة لمحكمه، وهو حِلُّ التعامل


(١) راجع: "الموافقات" (٣/ ١٥١).
(٢) "المدخل الفقهي العام إلى الحقوق المدنية" للأستاذ مصطفى الزرقاء (٢/ ٨٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>