للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَلَفَ﴾ [النساء: ٢٢] (١) حملها أبو حنيفة على الوطء حكم يحرمة زواج الابن بمزنية أبيه (٢).

وحملها الشافعي وآخرون على العقد، وترتب على ذلك عدم تحريم من زنى بها الأب على الابن (٣).

وهكذا كان الاشتراك في كلمة "نكح" وعدم تصريح الشارع بإرادة أحد المعنيين: الوطء أو العقد في الآية الآنفة الذكر: مدعاة للاختلاف والبحث عن القرائن والمؤيدات لترجيح أحد المعنيين.

وأمثلة المشترك يراها المتتبع لكتب الأحكام وقد ذكر البطليوسي صاحب "الإنصاف" من الأمثلة: "أو" في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣)[المائدة: ٣٣] حيث ذهب قوم إلى أن ﴿أَوْ﴾ في الآية للتخيير كما ذهب آخرون إلى أنها للتفصيل والتعيين، وهي تستعمل في لسان العرب لكلا المعنيين.

وبناءً على أنها للتخيير: يكون الإمام مخيرًا في العقوبات التي عرضت لها الآية، وبناء على أنها للتفصيل: لا يكون تخيير بل من حارب وقتل وأخذ المال صلب، ومن قتل ولم يأخذ المال قتل، ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده (٤).

والحق أن ميدان الاجتهاد متسع - كما أسلفنا - في تفسير النصوص لإزالة الغموض الطارئ من الاشتراك، بحيث يمكن تعيين المعنى المراد من اللفظ المشترك ليتسنى الخروج من العهدة في العمل بمدلول اللفظ الوارد في النص الشرعي من كتاب أو سنة.


(١) انظر: "الإسلام عقيدة وشريعة" الشيخ محمود شلتوت (ص ٥٢٣).
(٢) النظر: "الهداية" مع "فتح القدير" (٢/ ٣٥٧)، "المنهاج" مع "مغني المحتاج" (٣/ ١٧٨).
(٣) راجع: "المهذب" للشيرازي (٢/ ٤٣).
(٤) انظر: "الإنصاف" للبطليوسي (ص ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>