للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدية، أخذًا من قوله تعالى: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا﴾ [الإسراء: ٣٣] فإن السلطان يحتمل الدية والقصاص.

فالشافعي خيَّر بينهما وأثبت وصف الوجوب لكل واحد منهما سيرًا مع قاعدته في عموم المشترك.

قال النووي في "المنهاج": (موجب العمد القود، والدية بدل عند سقوطه. وفي قول: أحدهما مبهمًا، وعلى القولين: للولي عفو على الدية بغير رضا الجاني) (١).

وذهب الحنفية إلى عدم التخيير بين القصاص والدية، لأنه لا عموم للمشترك عندهم. جاء في "الهداية" بشأن القود: (وهو واجب عينًا وليس للولي أخذ الدية إلا برضا القاتل) (٢).

ج - ومن أمثلة المشترك الذي وقع الخلاف فيه: اختلاف الفقهاء في معنى "نكح"، في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٢٢].

فإن هذه اللفظة مشتركة بين العقد والوطء، وبسبب هذا الاشتراك نشأ الاختلاف في معنى الآية وهو اختلاف في أمر بالغ الأهمية في شؤون الأسرة والبيوت.

وقد وردت هذه الكلمة في القرآن و "لسان العرب"، بمعنى الوطء مرة كما وردت بمعنى العقد أخرى، وكان طبيعيًا أن يختلف المجتهدون في تعيين المعنى المراد، وكان لا بد من البحث عن القرائن والأدلة التي ترجع في نص من النصوص أحد المعنيين، أو المعاني، إذا لم يعينه الشارع.

ففي قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ


(١) راجع: "مغني المحتاج شرح المنهاج" (٤/ ٢٠)، "المهذب" للشيرازي (٢/ ١٨٨)، "تخريج الفروع على الأصول" للزنجاني بتحقيق المؤلف (ص ١٦٦ - ١٦٧) مع الحاشية.
(٢) انظر: "الهداية" مع "العناية" و "نتائج الأفكار" (٨/ ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>