للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظنية. وإنما عُنوا بذلك، لما يترتب على القطعية والظنية من الآثار في الفروع والأحكام.

ولقد كان ما وصلوا إليه: أن دلالة الخاص قطعية: فهو يتناول مدلوله قطعًا، وبذا يتيقن ما أريد به من الحكم الشرعي. ولا يصرف عن المعنى الذي دل عليه، إلا بدليل يدل على تأويله وإرادة ذلك المعنى الآخر.

قال فخر الإسلام البزدوي: (اللفظ الخاص يتناول المخصوص قطعًا ويقينًا بلا شبهة لما أريد به الحكم، ولا يخلو الخاص عن هذا في أصل الوضع وإن احتمل التغير عن أصل وضعه لكن لا يحتمل التصرف فيه بطريق البيان لكونه بينًا لما وضع له) (١).

وذلك ما عبر عنه شمس الأئمة السرخسي (بمعرفة المراد باللفظ ووجوب العمل فيما هو موضوع له لغة، لا يخلو خاص عن ذلك، وإن كان يحتمل أن يتغير اللفظ عن موضوعه عند قيام الدليل، فيصير عبارة عنه مجازًا، ولكنه غير محتمل للتصرف فيه بيانًا، فإنه مبين في نفسه عامل فيما هو موضوع له بلا شبهة) (٢).

وهكذا جاءت القطعية من كونه بينًا في نفسه يتناول الخصوص قطعًا ويقينًا بلا شبهة.

ومن أمثلة الخاص: لفظ ﴿مِائَةَ﴾ في قوله تعالى في حد الزنى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾.

ولفظ ﴿ثَمَانِينَ﴾ في قوله تعالى في حد القذف: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢) الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ


(١) راجع: "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٧٩).
(٢) راجع: "أصول السرخسي" (١/ ١٢٨)، "التوضيح" و "التلويح" (١/ ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>