للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)[النور: ٢ - ٤].

فالمائة، والثمانون، وهما من أسماء الأعداد، يدلُّ كل منهما على المعنين الذي وُضع له دلالة قطعية ولا يحتمل التصرف فيه بطريق البيان (١).

ومنها أيضًا لفظ ﴿رَقَبَةٍ﴾ و ﴿عَشَرَةِ مَسَاكِينَ﴾ و ﴿ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ﴾ في قول الله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٨٩)[المائدة: ٨٩].

وإذا كانت هذه الألفاظ من "الخاص": فإن الآية تدل دلالة قطعية على أن كفارة اليمين المنعقدة هي عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام من غير زيادة أو نقصان، لأن هذه الألفاظ تناولت الحكم المخصوص قطعًا حسبما وضعت له بلا شبهة.

وقد ذهب إلى هذا القطع البزدوي والسرخسي ومن تبعهما، وإن كان الخاص يحتمل التغيُّر قبل أن يراد به غير موضوعه مجازًا، إذا قام الدليل. وإنما جنحوا إلى ذلك: لأن هذا الاحتمال لما لم يدل عليه دليل اعتبر كأن لم يكن، وجعل هو والعدم سواء، فلم يؤثر في تناول الخاص للحكم المخصوص على وجه القطع (٢).

ويمكن الاستعانة بالمجاز لإيضاح ما نقول، فإذا قال قائل: واجهت أسدًا، من غير قرينة في الكلام: فإن لفظ الأسد، يدل في هذه العبارة على


(١) راجع: "أصول التشريع الإسلامي" للشيخ علي حسب الله (ص ١٦٩).
(٢) قال عبد العزيز البخاري: (ألا ترى أنه لم يمتنع أحد من الدخول تحت السقف مع أن الاحتمال للسقوط ثابت جزءًا. لكنه لما لم يقم عليه دليل، ألحق بالعدم. هذا هو المسموع عن الثقات) "كشف الأسرار شرح أصول البزدوي" (١/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>