للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون تقييد. فعن ابن عمر أن النبي قال: "قضاء رمضان إن شاء فرَّق وإن شاء تابع"، قال البخاري: قال ابن عباس: لا بأس أن يفرق لقول الله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] (١).

وهكذا عملًا بمبدأ "المطلق على إطلاقه حتى يثبت ما يقيده" قرر الإمام السرخسي عدم الالتزام بالتابع في قضاء الصوم إذ كان الوارد في الشرع غير مقيد بالتتابع.

أما إذا قام الدليل على تقييد المطلق: أصبح مدلوله مقيدًا، وانتفى عنه ذلك الشيوع في أفراده.

فبينما كان الخروج من العهدة في المطلق يمكن أن يحصل بأي فرد من أفراده الشائعة: يُرى أن الخروج من العهدة في المقيد لا يكون إلا بذلك الفرد الذي توافر فيه ذلك القيد.

٣ - ومن المطلق الذي قام الدليل على تقييده كلمة (وصية) التي وردت مطلقة في نص قرآني، وجاءت السنة فقيدتها.

قال الله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: ١١] فلفظ ﴿وَصِيَّةٍ﴾ مطلق، لم يفيد بمقدار معين من ربع ما يملك المكلف أو نصفه أو ثلثه … إلخ ولكن ثبت في السنة ما يدل على تقييد الوصية بما لا يزيد عن الثالث، وذلك فيما روي عن ابن عباس أنه قال: (لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع، فإن رسول الله قال: "الثلث والثلث كثير") (٢) وجاء


(١) الحديث أخرجه الدارقطني من رواية ابن عمر (٢٣٢٩)، وقد أخرجه أيضًا من حديث ابن المنكدر قال: بلغني أن رسول الله سئل عن تقطيع قضاء شهر رمضان فقال: "ذاك إليك، أرأيت لو كان على أحدكم دين فقضى الدرهم والدرهمين ألم يكن قضاء؟ والله أحق أن يعفو" وقال: إسناده حسن مرسل (٣٣٣٣). وهذه الرواية: هي التي جاء بها السرخسي، وأخرجه البيهقي (٤/ ٢٥٩). وانظر: "المبسوط" (٣/ ٧٥) "نيل الأوطار" (٤/ ٢٦٤). وانظر لكلمة ابن عباس: "الصحيح البخاري" مع "فتح الباري" (٤/ ٢٤٠).
(٢) أخرجه أحمد (٢٠٣٤) والشيخان: البخاري (٢٧٤٣) ومسلم (٤١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>