للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كانت الضوابط توضع، لتكون موازين للفهم والاستنباط، لئلا ينحرف المستنبط أو يزل، فإن ما توفر للصحابة من ملكة اللسان، والوقوف على أسرار التشريع بمعاصرة الوحي، ومعرفة بأسباب نزوله، وبيان المبلغ عن ربه ما أراد: كاف كل الكفاية لأداء الغرض الذي من أجله توضع الضوابط وتحدد الموازين (١).

ولذلك يحمل إلينا تاريخهم، نماذج من الفهم في كتاب الله وسنّة رسوله، كانت مفردات لضوابط التفسير التي وضعت فيما بعد، وإنما كان ذلك منهم سليقة وملكة (٢).

وفيما يأتي من المباحث، كثير من النماذج، والأمثلة، على فهومهم واستنباطاتهم، وفي كتب التفسير والحديث والآثار: غناء لمن أراد مزيدًا من الاستقصاء (٣).

ومضى الصحابة على ما ذكرنا، وجاء من بعدهم تلامذتهم التابعون الذين أخذوا عنهم فقه الكتاب والسنّة (٤) وكل طبقة من هؤلاء التابعين تفقهوا على يد من كان عندهم من الصحابة، في البلد الذي يقطنونه، أو يرحلون إليه.


(١) راجع: "الإحكام" لابن حزم (٢/ ١٢٤ - ١٣٤) "فتح الباري" للحافظ ابن حجر (٣/ ١٨٢)، "نيل الأوطار" (٤/ ١٢٨) رسائل ابن تيمية، "رفع الملام عن الأئمة الأعلام" (ص ٤) فما بعدها.
(٢) انظر كلامًا مفصّلًا نافعًا في: "إعلام الموقعين" (١/ ٨٠) منقولًا عن الشافعي ، "حجة الله البالغة" للدهلوي (١/ ١٥٢ - ١٦١)، "الإنصاف في أسباب الاختلاف" للدهلوي (ص ٩) فما بعدها.
(٣) انظر: "الآثار" لمحمد بن الحسن (ص ٤٣) "الأم" للشافعي (٧/ ١٤٥)، "صحيح الترمذي" بشرح ابن العربي (١١/ ١٩٠) "معالم السنن" للخطابي (٣/ ١٥٧)، "جامع بيان العلم وفضله" (٢/ ١٠٣) فما بعدها، "الإحكام" لابن حزم (٢/ ١٢٥)، "السنن الكبرى" للبيهقي (٤/ ٢٢٣) "رفع الملام عن الأئمة الأعلام" لابن تيمية (ص ٤) فما بعدها، "إعلام الموقعين" لابن القيم (١/ ٢٨٠) فما بعدها.
(٤) كعطاء في مكة، وسعيد بن المسيب في المدينة، وعلقمة النخعي وإبراهيم النخعي والحسن البصري في العراق. وانظر: "الإجابة" للزركشي (ص ٩٧ - ٩٨) تحقيق سعيد الأفغاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>