للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان الواجب في التيمم مسح اليدين إلى المرفقين، وذلك ما ذهب إليه الحنفية والشافعية (١).

أما المالكية: فلا يوجبون المسح إلى المرفقين، وإنما يكفي عندهم المسح إلى الكوعين (٢). وكذلك الحنابلة؛ فقد نصوا على الرسغين، حتى نقل ابن قدامة عن الإمام أحمد قوله: من قال: (إن التيمم إلى المرفقين فهو شيء زاده من عنده) (٣).

ولكن لم يكن ذلك، لأنهم لا يحملون المطلق على المقيد في هذه الصورة، بل الذي صح عندهم من السنة هو ما رواه عمار بن ياسر قال: "أجنبت فتمعكت في الصعيد وصليت، فذكرت ذلك للنبي فقال: "إنما كان يكفيك هكذا"، وضرب النبي يكفيه على الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه" وفي رواية عنه أن النبي قال له: "في التيمم ضربة للوجه واليدين" (٤) فجعلوا حديث عمار الذي لا يأتي على ذكر "المرفقين" بيانًا للآية وقيدوا ما ورد فيها من إطلاق.

وهكذا نرى أن الاختلاف في القدر المطلوب بمسح اليدين في التيمم:


(١) راجع: "المبسوط" للسرخسي (١/ ٤٠٧)، "الإحكام" لابن دقيق العيد ١/ ١٥١ - ١٥٢)، وانظر: "تفسير الطبري" (٨/ ٤١٤) فما بعدها.
(٢) راجع: "المقدمات الممهدات" لابن رشد الجد (١/ ٧٩)، "الذخيرة" للقرافي (١/ ٣٥٣) فما بعدها. "الدسوقي على الدردير" (١٥٥١) هذا: وقد نقل ابن رشد الحفيد في "بداية المجتهد" أن المشهور في المذهب المالكي هو المسح إلى المرفقين، وأن المروي عن مالك فرضية المسح إلى الكفين واستحبابه إلى المرفقين. على أن ما أسماه ابن رشد الحفيد مشهور المذهب: قد اقتصر ابن رشد الجد على نسبته إلى نافع ومحمد بن الحكم من المالكية، "بداية المجتهد" (١/ ٦٨ - ٦٩)، "المقدمات الممهدات" (١/ ٧٩).
(٣) راجع: "المغني" لابن قدامة (١/ ٢٤٤) فما بعدها. "المدخل" لابن بدران (ص ١٢٠).
(٤) أخرجه البخاري (٣٣٨ - ٣٤٣) بألفاظ مختلفة في الطهارة والتيمم، وأخرجه مسلم (٣٦٨) وأبو داود (٣١٨) والنسائي (٣١٢) والترمذي (١٤٤) وابن ماجه (٥٦٥). وانظر: "فتح الباري" للحافظ ابن حجر (١/ ٣٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>