للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله : "فليتبع"، وهو أمر، مأخوذ من قولنا: أتبعت فلانًا: إذا جعلته تابعًا للغير. والمراد هاهنا تبعيته في طلب الحق بالحوالة، قال الحافظ ابن حجر: و "معنى قوله أتبع فليتبع، أي أحيل فليحتل" (١). فإذا أحال المدين دائنه على شخص ثالث مليء ليستوفي منه دينه، فهل يجب على هذا المدين قبول الحوالة على المليء أم لا يجب؟ لقد اختلفت في مدلول هذا الأمر أنظار العلماء:

١ - فذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي والأكثرون: إلى أن الأمر في الحديث مصروف من الوجوب.

أ - وإذا كان كذلك فقد اعتبره البعض كالخطابي: للإذن والإباحة. جاء في "معالم السنن": (وقوله: "فليتبع" معناه: فليحتل، وهذا ليس على الوجوب وإنما هو على الإذن له والإباحة فيه، إن اختار ذلك وشاء) وإليه جنح ابن الهمام في "فتح القدير" واعتبره هو الحق الظاهر (٢).

ب - والجمهور على أن الأمر في الحديث للندب، كما قرر ابن دقيق العيد؛ فللمدين اختيار الاحتيال وله عدمه. وممن ذكر ذلك الحافظ ابن حجر، الذي اعتبر أن القول بالإباحة: قول شاذ (٣).


= ومسلم: "وإذا أتبع" بالواو وبهذا اللفظ ذكره ابن حزم في "المحلى" وفي رواية لأحمد: "وإذا أحيل على مليء فليحتل" وفي لفظ لابن ماجه برواية ابن عمر: "فإذا أحلت على مليء فاتبعه" بتشديد التاء. وانظر: "معالم السنن" للخطابي (٣/ ٦٥ - ٦٦)، "المنتقى شرح الموطأ" لأبي الوليد الباجي (٥/ ٦٦ - ٦٧) "المحلى" لابن حزم (٨/ ١٠٨)، "إحكام الأحكام" لابن دقيق العيد (٢/ ١٥٦ - ١٥٧)، "فتح الباري" (٤ - ٣٨١) فما بعدها.
(١) راجع: "إحكام الأحكام" لابن دقيق العيد (٢/ ١٥٧)، "فتح الباري" (٣٨١ - ٣٨٢).
(٢) انظر: "معالم السنن" للخطابي (٣/ ٦٦)، "فتح القدير" لابن الهمام (٥/ ٤٤٤).
(٣) راجع: "فتح الباري" (٤/ ٣٨٢). هذا وقد نقل محمد الزرقاني كلام ابن حجر بنصه في "شرحه للموطأ". انظر: (٣/ ٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>