للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد احتج هؤلاء للفور بما احتجوا به للتكرار (١). وما قيل في رد اقتضاء التكرار، يقال في رد اقتضاء الفور (٢).

أما من عدا القائلين بالتكرار: فقد فرقوا بين الأمر المقيد بوقت، والأمر غير المقيد بوقت.

أ - فإذا كان الأمر مقيدًا بوقت يفوت الأداء بفواته؛ كالأمر بالصلوات الخمس، فلا خلاف في أن دلالة الأمر في هذه الحال: هي وجوب أداء الفعل في وقته.

ب - أما إذا لم يكن مقيدًا بوقت؛ كالأمر بالكفارات، وقضاء ما فات من الصوم والصلاة، فقد اختلفت أنظار العلماء فيه.

١ - فقال قوم: إن الأمر في هذه الحال لا يدل على الفور، ولا على التراخي - على اختلاف في التعبير عن ذلك - بل يدل على مطلق الفعل. أما الفور أو التراخي: فيكون بالقرينة.

وعلى هذا يكون من الجائز للمكلف تأخير المطلوب منه بالأمر، على وجه لا يفوت به، وفي هذه الحال لا يكون آثمًا.

هذا من ناحية الخروج من العهدة، أما من ناحية الفضيلة: فالأولى في حقه المسارعة إلى الامتثال، والمبادرة إلى الفعل بمجرد التمكن، عملًا بعموم الأدلة الداعية إلى السباق في الخير، والبدار إلى اغتنام فرصه ومناسباته، كقوله تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣)[آل عمران] (٣) وقوله: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ


(١) انظر ما سلف (٢/ ٢٤٧) فما بعدها.
(٢) انظر ما سلف (٢/ ٢٤٨) فما بعدها.
(٣) قال الزمخشري: (ومعنى المسارعة إلى المغفرة والجنة الإقبال على ما يستحقان به) وقال الشوكاني: (أي سارعوا إلى ما يوجب المغفرة من الطاعات) "الكشاف" (١/ ٢١٩)، "تفسير فتح القدير" (٣٤٨١)، وانظر: "تفسير الطبري" (٧/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>