للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ [البقرة: ١٤٨] (١).

وهذا هو الصحيح عند الحنفية (٢). وعزي إلى الشافعي وأصحابه. قال العضد متابعًا ابن الحاجب الذي قرر ذلك: (روي عن الشافعي مثل ما اخترناه في كونه للتكرار، وهو أنه لا يدل على الفور ولا على التراخي، بل على مطلق الفعل وأيُّهما حصل كان مجزئًا (٣). واختاره الرازي والآمدي وابن الحاجب، وهو ما جنح إليه التلمساني في "مفتاح الوصول"، وقال به البيضاوي في "المنهاج" (٤).

ويبدو أن نسبة هذا المذهب إلى أبي حنيفة والشافعي، إنما كانت استنتاجًا من فروعهما في الأحكام، فقد قال ابن برهان (٥): (لم ينقل عن الشافعي وأبي حنيفة نص، وإنما فروعهما تدل على ذلك) (٦). وذلك أيضًا ما ذكره إمام الحرمين بالنسبة للشافعي فقد جاء في "البرهان": (وذهب ذاهبون إلى أن مقتضاها - يعني صيغة الأمر - الامتثال مقدمًا أو مؤخرًا وهذا


(١) روى أبو جعفر الطبري عن الربيع: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ فسارعوا في الخيرات. وذلك ما قرره أبو جعفر حين قال: ﴿فَاسْتَبِقُوا﴾ فبادروا وسارعوا من "الاستباق" وهو المبادرة والإسراع) "تفسير الطبري" (٣/ ١٩٦).
(٢) راجع: "أصول السرخسي" (١/ ٢٦)، "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٣١٥ - ٣١٦).
(٣) راجع: "البرهان" لإمام الحرمين (٢/ ٤٨/ أ) مخطوطة دار الكتب المصرية، "المستصفى" (٢/ ٢ - ٣)، "مختصر المنتهى" مع "العضد" و "السعد" (٢/ ٨١ - ٨٢).
(٤) راجع: "البرهان" (١/ ٤٨/ أ)، "مفتاح الوصول" (ص ١٨)، "المنهاج مع شرحه للإسنوي": (١/ ٢٧٥).
(٥) هو أحمد بن علي بن محمد الوكيل المعروف بابن برهان، من علماء الشافعية في الفقه والأصول والحديث، كان حنبلي المذهب ثم انتقل إلى مذهب الشافعي، تفقه على الشاشي والكيا الطبري وأضرابهما، درس بالنظامية شهرًا واحدًا وعزل، من مصنفاته: "البسيط"، "الوسيط": "الأوسط"، "الوجيز" في أُصول الفقه.
(٦) راجع: "التقرير والتحبير" (٣١٦١)، "إرشاد الفحول" (ص ٩٤) مطبعة السعادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>