للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنك الدم وصلي" فهذا الأمر بعد الحظر دل على وجوب الصلاة للحائض، وهو نفس الحكم الذي كان ثابتًا للصلاة قبل الحظر والتحريم.

وهكذا نرى مما تقدم: أن الحظر قرينة دالة على رفع الحكم الذي كان ثابتًا للمأمور به قبل وروده. فإذا زال الحظر انتفى المانع الذي منع من الحكم السابق، فيبقي ما كان من قبل، سواء أكان إباحة أم وجوبًا، حتى كأن الشارع قال - كما ذكر ابن أمير الحاج -: قد كنت منعت من كذا وقد رفعت ذلك المنع، واستمر ما كان مشروعًا قبل المنع على الوجه الذي كان مشروعًا قبله (١).

هذا: وإن الجزم بمدلول الأمر - وهو الحكم نفسه الذي كان للمأمور به قبل المحظر كما دل عليه الاستقراء - يدفع القول بالتوقف القائم على التردد بين الإباحة والوجوب … وفي الوقت نفسه لا يرفع الفائدة التي يمكن أن تترتب على القول بالإباحة، أو القول بالوجوب؛ ذلك لأن الاتفاق حاصل تقريبًا على الأحكام التي تستنبط من النصوص المشتملة على أوامر واردة بعد الحظر.

وإذا حصل خلاف ما، فمرده في الغالب إلى تقديم القرينة التي يمكن أن تصرف الوجوب إلى الإباحة مثلًا أو العكس، لأنه لا نزاع - كما قال التفتازاني - في الحمل على ما يقتضيه المقام عند انضمام القرينة (٢).

* * *


(١) انظر: "التقرير والتحبير" (١/ ٣١٨)، "الإباحة" للأستاذ سلام مدكور (ص ٢٤٧).
(٢) راجع: "التلويح" مع "التوضيح" (١/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>